نوت كئيبه

نشرت في :
  • الخميس، 19 يناير 2012
  • | من قبل
  • Unknown
  • |
  •  نوت كئيبه

     


    انا زعلانه مني


    لما حصلت احداث/مدبحة محمد محمود، إكتشفت حاجه اتغيرت فيا..انا بقيت جبانه و بخاف علي نفسي



    يوم 19 نوفمبر كان أول يوم و كانت أول مره أحس إني فعلا هموت و ابقي خايفه عليا كده..كل اللي حواليا كانوا بيتصابوا ، وسط الضرب حستني خايفه ففضلت أقول لنفسي متخافيش انتي كل مره بتعيشي..مالك مصطفي كان واقف قدامي و فجأه لقيته بيلف و حاطط إيده علي عينه و السويت شيرت الأورانج بتاعه مليان دم، إفتكرته اتعور عادي بس متصورتش ساعتها ان عينه راحت


    يوم 19 نوفمبر حسيت لأول مره إني جبانه..وحسيت بالقرف من نفسي لإن كل اللي واقفين جمبي مش خايفين


     كنت خايفه أموت و ساعات لما كنت بسمع صوت الرصاص كنت بترعش بس كنت بقول لنفسي ده أكيد من السقعه..و مره لقيت صوت المطاطي بيخبط في كل حته حواليا و كان ورايا ولد، ببص لقيتني أنا في الصف الأول و المطاطي هيعميني انا وهو، قومت لفيت و إديت للطلق ضهري و وقفت علي صوابعي كده عشان أبقي أطول شويه و أغطي عينيه بالمره..كنت فاكراني جامده بس لقيتني بسيب الشارع كله و طلعت اعيط زي أي بنوته عبيطه لما حسيت بسخونة أول طلقة مطاطي في ضهري !..إتكسفت أوي ساعتها من نفسي، و الحمد لله الناس بره افتكروني بعيط من الغاز

    بس من ساعتها بطلت أترعش

    لما رجعت تاني و بصيت ورايا لقيت ناس كتير و لما بيقع مننا حد بييجي مكانه أضعاف..فإتبسطت و قولت لنفسي "الثوره حيّه في الصدور يا دودو"..ولقيتني عماله أغني

    راجعين

    راجعين
    راجعين يا حياه

    راجعين بقلب جديد..راجعين أمل بيزيد


    و حسيت براحة طفل..زي اختي لما كنت بحضنها و اغنيلها و هي بيبي و كانت بتنام بسرعه في حضني يومها كان فيه حاجتين حلوين، صلاة العصر جماعة اللي صلّاها المتظاهرين رغم الضرب و حسستني بالأمان، و بياع غزل البنات اللي كان واقف بالأكياس البمبي جمب عربية الأمن المركزي اللي ولعنا فيها :)

    ساعة لما هجموا عالميدان من محمد محمود و المداخل القريبه منه و احنا اضطرينا نسيبه، انا جريت من مدخل عمر مكرم و لقيتني عالكورنيش عند فندق مش فاكره ده شبرد ولا كمبنسكي، اتجمعنا ورجعنا تاني عند الكورنيش اللي بيودّي علي ماسبيرو ده عشان نلف و نرجع التحرير لو نفع، بس بصينا من بعيد لقينا الشرطه جريت ورا الناس لآخر كوبري قصر النيل..و فجأه هجموا علينا احنا كمان!


    دخلوا علينا بالمدرعات و كان فيه ظابط واقف فوق المدرعه بيضرب نار..استخبينا ورا اكشاك خشب كده لحد ما يعدوا بس لقيت مفيش فايده و ممكن يتقبض علينا..كل الشباب عدّوا قدام المدرعه للناحيه التانيه من الكورنيش قبل ما يتضربوا بالرصاص إلا أنا و كذا ولد مرضيوش يسيبوني انا خفت أعدي قدام المدرعه فتدوسني و جثتي تتدمر زي اللي شوفتهم في صور ماسبيرو !..كل أمنيتي في اللحظه دي كانت إن جثتي تبقي بحاله جيده بعد الوفاه

    الهاجس سيطر عليا تماما و الولاد فضلوا يحاولوا معايا إني أجري ففضلت أصرخ فيهم بهيستريا:

    سيبوني أختار الموته اللي هموتها !! انا عايزه أموت بالرصاص لكن المدرعه لأ


     في الآخر بصيت ورايا لقيت موقع فندق ريتز كارلتون اللي بيتبني عالنيل قمت نطيت فيه مع العمال


    روحت البيت تاني يوم بعدّة أوسمة و نياشين، وسامين في دماغي بالطوب- إحداهما نيران صديقه من الخلف، و نيشان الطلقه المطاطي في الضهر، و قلادة زرقاء لقذيفة الغاز و تم تسلّمها في الساق بواسطة أحد الضباط، و لما ماما سألتني علي سر الكدمه الشنيعه قولتلها "دي واوا قنبله !"


     بس لما فكرت ان كان ممكن تيجي شظيه تانيه من نفس الخرشوطه اللي اتضرب بيها مالك في عيني انا كمان، و لما عرفت ان فيه ناس ماتت بالليل بنفس الغاز اللي انا اتضربت بيه..حسيت قد ايه الموت قريب


    لما خلصت المدبحه، و عدنا بخفّي حنين، رجعت من محمد محمود بإحساس بالعار

    بالعار

    بالعار

    بإننا رجعنا و سيبنا ورانا بحيرات دم و شهداء و عميان بلا قصاص و أسري بلا تحرير،


    بس بعد كل الدم اللي شفته في مدابح محمد محمود و مجلس الوزراء، حسّيت إن شروخي النفسيه زادت بقيت في حاله لا تصدق من العدوانيه و الهجوميه اللي صدمتني أكتر من أي حد، لإني كنت دايما بتضايق من إنطوائيتي و خوفي من الناس اللي كنت طول عمري بحاول اداريهم


    كمان حسيت إننا فقدنا جزء من آدميتنا، ماهو لما إنسان يبص جمبه و يلاقي واحد مضروب بالنار-حتي لو في رجله- و مايحسّش بالفزع يبقي روحه نقصت حاجه


    إعتصام مجلس الوزرا كان تقريبا أول اعتصام مقدرش أبات فيه عشان وجع الإنزلاق الغضروفي كان شادد حيله من ساعة إعتصام محمد محمود بسبب السقعه، فكنت بروح الصبح ألاقي بقع الدم في الأرض من ساعة المدبحه الليليه و الناس عاملين حواليهم طوب عشان محدش يدوس عليهم..دلوقتي لما بروح هناك ببقي مش قادره أدوس في الأرض، نفسي أرتفع عنها بأي شكل أو أطير أنا عارفه إن أي مكان هدوس فيه هيبقي مكان دم شهيد لسه مانشفش


    شروخي النفسيه زادت، و بقيت بفكر في الموت كتير جدا و بحس إنه قد إيه هو قريب، مع إني زمان مكنتش بفكر فيه و ماكنش بيهمني أصلا

    يمكن عشان بقي عندي حاجه أخاف عليها و أحلام مشتركه، أو يمكن عشان مابقتش مؤمنه إننا هننتصر وإن حد هيعرف يجيبلي حقي يوما ما

    يمكن عشان حسيت إني ممكن لو مت تطلع فرقة التشويه يعملوا فيا زي اللي بيعملوه مع كل بنات الثوره..دول قالوا كده علي ست البنات اللي انا عارفه انها أحسن مني عند الله و الناس!..ست البنات اللي كان وجودها هو العامل المشترك في أغلب المرات اللي كنت هموت فيها..ست البنات اللي حلمت بعد إصابتها إني بحضنها و بعيط


    يمكن عشان انا حضرت مع أهل أحد الشهداء اللي من عيله راقيه لحظة صعود روحه إلي خالقها، و شفت حالة مامته لما قلعت هدومها و اترمت في الأرض و هي بتصرخ إبنيييييييي إبنيييييييييي ، و أخته اللي فجأه فقدت عقلها و فضلت تزعق فينا و تضرب الناس اللي واقفين و اي حد يحاول يقربلها


    خايفه علي أمي إنها تعيش التجربه دي و كمان تشوف دمي و هو بيروح هدر و الناس و هم بيخوضوا في عرضي و بيقولوا عليا مخربه و عميله و مأجوره..خايفه علي حوالي 7-8 بني آدمين مش أكتر، أنا عارفه اني لو مت هكسرهم..ماما و بابا و اخواتي، شيرين و محمود و يمكن آلاء بنت عمتي و دعاء إسماعيل..مش عارفه انا ليه دلوقتي بعيط وانا بكتب الكلام ده، بس انا خايفه عليهم فعلا


    ماما بتقوللي لو جرالك حاجه انا مش هعيش..انا بقوللها افتكري إني هكون شهيده


    بس من جوايا معرفش انا هبقي شهيده فعلا ولا لأ؟! ولا ده الدفاع النفسي اللي بقوله ليا دايما عشان لما أقابل الموت مهربش، و بقوله للناس لما بيقولوا ان دم الشهدا راح هدر عشان أداري ضعف قوتي و قلة حيلتي و هواني علي الناس؟!


    بقيت كمان بخاف أكتر من الأول اني يتقبض عليا، زمان قبل الثوره لما كان حد بيتاخد مننا  كنا بنوقف حياتنا و بنفضل معاه لحد ما يخرج، دلوقتي مابقاش كده..مش عشان بقينا أندال قد ما عشان القبض علي واحد فينا مابقاش هو أخطر حدث في يومنا، و كمان في الغالب السجن دلوقتي اللي بيروحه مابيرجعش يعني الأمل اللي بيحركنا أقل!


    خايفه أبقي من الآلاف اللي جوّه، اللي مع الوقت اللي بره بينسوهم و بينفصلوا عن العالم، و العنكبوت بيعشش علي أرواحهم إزاي بنقول للشهداء مش هننساكم إذا كنا بننسي الثوار الاحياء اللي جوّه؟! إحنا كدابين ! 


    كل ما أحس بقرب 25 يناير، تسيطر عليا فكرة إني عايزه ألحق أعمل حاجات كتير من الحاجات اللي كان نفسي أعملها في حياتي طبعت الصور اللي لقيتها بتمثللي أغلب ذكريات 2011، إشتريت الماسكارا اللي كان نفسي فيها،رحت للكوافير ظبطت شعري، إستنيت أقابل محمود في أجازته..اللي إتلغت !

    كل الجيش أجازاته إتأجلت لبعد يوم 25؟ كان نفسي أشوفك أوي

    كمان نفسي ابقي مراته يوما ما..أكتر حاجه كان نفسي أعملها

    مش بالظبط أكتر حاجه كان نفسي أعملها..دا انا كل خطط "حياتي" مترتبه عليها


    ماما تعرفه من اكتر من سنه، و بابا قابله مرتين أو تلاته أيام الثوره،و كان بابا بيكلّمه في التليفون عشان يتحايل عليه يقنعني أروّح يوم موقعة الجمل


    إزاي بحس إن روحنا كانت واحده و اتقسمت؟ و إننا بنكمّل بعض بشكل غريب كإننا  قطعتين بازل بيكونوا صوره و ماينفعوش غير لبعض؟

    هو الإحساس بالأمان و السكن و الوطن و الإنتماء

    حلم البيت، و "خالد" و "عشق" اللي حلمنا بيهم، وإزاي هنربيهم و هيكبروا بيننا، واللي اتماديت لحد التفكير في إختيار مدرستهم و مصاريفها، و بعدها تراجعت يومين كاملين عن فكرة إنجابهم من الأساس خوفا علي جسمي أنا

    كل ده و هو لسه ما خلصش جيش أصلا


    كان نفسي نتجوز علشان عالأقل كان يبقي جمبي وانا بفكر الأفكار الكئيبه دي..علشان أشوف لسنين قدام حبه ليا اللي هو قال عليه إنه في إتجاه واحد زي التاريخ، بيزيد ما بيقلّش..عشان هو يشوف إزاي إنه هو بالنسبالي الحياه زي ما أنا قولتله..عشان لما يطلب مني أحكيله حدوتة قبل النوم مضطرش أحكيها في التليفون و أكتشف في آخرها إني بكلم نفسي بقالي ربع ساعه، عشان لما أبص في عيونه و أقول له بحبك و ألاقيني بعيط من غير سبب يطبطب عليا و يحضنني أوي

    عشان انا عايزاه يشاركني كل نشاط إنساني بمارسه و مش بيبقي له أي طعم عشان من غيره!

    إنت السبب يا محمود..انا بقيت بخاف عليا بسببك


    by Hadeer Mohamed on Thursday, 19 January 2012 at 15:45

    0 التعليقات:

    إرسال تعليق

     
    تصميم : Bloggermint | تعريب : قوالبنا للبلوجر
    المصري المثقف -2012