أوهام في الطريق

نشرت في :
  • الأربعاء، 16 يناير 2013
  • | من قبل
  • Unknown
  • |
  • التسميات: , , , ,


  • أوهام في الطريق





    قال الله تعالي في كتابه العزيز: } أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ } [العنكبوت: 2] وهى آية بسيطة في لغاتها ولكن تحمل معانى كبيرة وعميقة فأبسط مفهوم تعني أن الله سبحانه وتعالي يؤكد أنه لا يوجد أي أستثناء لأي شخص مهما كان للتعرض للفتنة فهناك من يفتن بماله أو بجماله أو بصحته وأيضاً هناك من يفتن بقوة تديينه أو براجحه رأيه وغيرها من نعم الله علي خلقه التي تفتن المرء، وفي حياتنا اليومية دائماً ما نتعرض للفتنة نتيجة التأثر بأراء أشخاص مفتونين بفرض أرائهم علي آمة الإسلام ومن أكثر الأشخاص المفتونين بفرض أرائهم علي آمة الإسلام في العصر الحديث هو سيد قطب (الذي أعدم سنة 1966 نتيجة قضية التآمر علي قلب نظام الحكم) الذي أثّر بالتبعية علي كثير من الدعاة في وقتنا الحاضر الذين ينشرون أفكاره تأثراً بحلاوه أسلوبه وأنه كان من الحاملين لكتاب الله دون التدقيق في أخطائه التي من الممكن أن تؤدي إلي تدمير الإسلام، هذا ما جعلني أن أعرض بعض أفكار من كتابه "معالم في الطريق" حتى أستطيع أنتقادها.
    يبدأ سيد قطب - غفر الله له – كتابه بالخطورة علي الإسلام وأن هذه الخطورة نابعة لعدم فهم صحيح الإسلام ويبدأ في وصف طبيعة دعوة رسول الله (ص) إلي الآمة الإسلامية حتى يتفهم القارئ ما هو الإسلام الصحيح فيقول عن رسول الله (ص) "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد صنع جيل خالص القلب . خالص العقل . خالص التصور . خالص الشعور . خالص التكوين من أى مؤثر آخر غير المنهج الإلهي ، الذي يتضمنه القرآن الكريم" وقرأت للأخر الفصل حتى أجد تأكيداً من القرأن أو السنة ولم أجد أي تأكيد واحد علي سبب معرفة هدف رسول الله - صلي الله عليه وسلم - الذي ذكره هل هذا الهدف لرسول الله لم يعلمه إلا سيد قطب نفسه، وكيف علمها، وهل علمها عن طريق وحي أو مجرد أستنباط، وهل القرأن والأحاديث تفسر من خلال أستنباطات؟ إنها حقا معلومة تثير الدهشة!!

    ثم يصف جميع المجتماعات القائمة بأنها مجتمعات جاهلية لأنها لا تخلص العبادة ويعرف المجتمعات الجاهلية بـ " إن المجتمع الجاهلي هو كل مجتمع غير المجتمع المسلم ! وإذا أردنا التحديد الموضوعي قلنا : إنه هو كل مجتمع لا يخلص عبوديته لله وحده . . متمثلة هذه العبودية في التصور الاعتقادي ، وفي الشعائر التعبدية ، وفي الشرائع القانونية "، ثم يوضح أكثر من هي المجتمعات الجاهلية فيقول " وهذه المجتمعات لا تدخل في هذا الإطار لأنها تعتقد بألوهية أحد غير الله ، ولا لأنها تقدم الشعائر التعبدية لغير الله أيضا ، ولكنها تدخل في هذا الإطار لأنها لا تدين بالعبودية لله وحده في نظامها ، وشرائعها وقيمها ، وموازينها ، وعاداتها وتقاليدها . . وكل مقومات حياتها تقريبا ! والله سبحانه يقول عن الحاكمين: ((ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)) "، وتفسيرة هذا يكفر كل من لا يحكم بما أنزل الله هم ومن يردخون لهذا الحكم، وتفسيره لآية الحكم لله مردود عليه منذ أزل التاريخ أيام سيدنا علي بن أبي طالب حين أرسل لجماعة الخوارج حبر الأمة وابن عم رسول الله عبد الله بن العباس ليناظرهم حتي يخرجوا من تفكيرهم بتكفير الناس (الذي هو متطابق مع فكر سيد قطب)، فقالوا له: ما جاء بك يا ابن عم رسول الله؟
    فرد قائلاً: جئتكم من عند أصحاب رسول الله (ص) وليس فيكم منهم أحد، ومن عند ابن عم رسول الله (ص) وعليهم نزل القرأن، وهم أعلم بتأويله.
    فقالوا: حكَّم الرجال في أمر الله، وقال الله تعالي {{ إِنِ الحُكمُ إلا لله }}.
    قال: أرأيتم إن أتيكم من كتاب الله وسنة رسوله بما ينقض قولكم هذا أترجعون؟
    قالوا: ومالنا لا نرجع.
    قال: أما قولكم في (( حكَّم الرجال في أمر الله )).
    قالوا: بلي

    قال: فإن الله قال في كتابه: {{  يَا أ  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ  }} وقال في المرأة وزوجها: {{ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا }} فصير الله ذللك إلي حكَّم الرجال في في دماء المسلمين وفي إصلاح ذات بينهم أفضل ..

    قالوا: بلي أفضل.

    والغريب أن بعد هذه المناظرة التاريخية لم يكف الخوارج عن تكفير الناس فكل من أرتكب معصية صار كافر في وجهة نظرهم، بل خرج في أخر الزمان من يكفرون الناس بداعي وبدون داعي طالما أنهم مخالفون لوجهة نظرهم أو حتى لأرتكابه لأي ذنب يخالف مذهبهم، يبدو أن هؤلاء لا يعلمون أن الله أسمه الغفور.

    وتدور أفكار الكتاب كلها حول المجتمع الجاهلي والحاكمية لله، ثم يبدأ سيد قطب في تفسير آيات الجهاد في سور: النساء (77)، والحج (39-41)، والبقرة (190)، والتوبة (36) (وقام بتفسيرها دون ذكر أسباب نزول هذه الآيات أو الناسخ والمنسوخ) ويفسر بأن الجهاد فريضة علي كل مسلم حتى يتحرر الإنسان من عبوديته ووصفها بأنها " عبادة الأنسان للأنسان "، وفي هذا المعنى يتفق مع رسائل وخطب حسن البنا حين قال: "بدون استعداد كل فرد في الجماعة للجندية لا يكون شئ"، وهذا الكلام يتناقض تماماً مع فكرالشيخ عمر التلمساني ( المرشد الثالث وأحد المجددين للجماعة خصوصاً بعد فترة خروجها من السجون في حقبة أنور السادات ) حين قال للكاتب محسن محمد في كتابه (من قتل حسن البنا): " أن الجهاد فرض كفاية وليس فرض عين"، وهذا التناقض في آراء قيادي الجماعة لا يدل إلا علي أن التمويل يؤثر علي قرارات وآراء القيادة؛ ويتخيل سيد قطب أن لا أكراه في الدين لا يتحقق إلا بعد التحرر من النظم التي تحكم بدون ماأنزل الله وتؤثر علي الناس ويجب التخلص من هذه الأنظمة بالقوة فقال: " إنها سذاجة أن يتصور الإنسان دعوة تعلن تحرير " الإنسان " . . نوع " الإنسان " في " الأرض " . . كل " الأرض " ثم تقف أمام هذه العقبات تجاهدها باللسان والبيان ! . . إنها تجاهد باللسان والبيان حينما يخلى بينها وبين الأفراد . . فهنا { لا إكراه في الدين } . . أما حين توجد تلك العقبات والمؤثرات المادية ، فلا بد من إزالتها بالقوة ، للتمكن من مخاطبة قلب الإنسان وعقله ، وهو طليق من هذه الأغلال ! "، وهذا الخطأ يقع فيها معظم المسلمين فتفسفير كتاب دون علم مسبوق أو دراسة مسبقة ماهي إلا شهوة شيطانية لفرض الرأي، ولا يفسره أو يفتي به إلا الراسخون في العلم فقال الإمام الشافعي –رحمه الله- : "  لا يحل لأحد أن يفتي في دين الله إلا رجلا عارفا بكتاب الله بناسخه ومنسوخه ، ومحكمه ومتشابهه ، وتأويله وتنزيله ، ومكيه ومدنيه ، وما أريد به ، ويكون بعد ذلك بصيرا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبالناسخ والمنسوخ ، ويعرف من الحديث مثل ما عرف من القرآن ، ويكون بصيرا باللغة ، بصيرا بالشعر وما يحتاج إليه للسنة والقرآن ، ويستعمل هذا مع الإنصاف ، ويكون بعد هذا مشرفا على اختلاف أهل الأمصار ، وتكون له قريحة بعد هذا ، فإذا كان هكذا فله أن يتكلم ويفتي في الحلال والحرام ، وإذا لم يكن هكذا فله أن يتكلم في العلم ولا يفتي "، ويتعمد الكثير –إلا من رحم ربي- علي تفسير القرأن عن جهالة أو حفظه لجزء أو كل كتاب الله ليعبر عن أوهامه أو تخفواته الشخصية ويتعمد نشر هذا الخلاف علي نطاق واسع حتي يتسبب في فتنة المسلمين، ويحلل ويحرم كما يشاء، ويكفر هذا ويدخله النار وأنصاره يدخلهم الجنة، فما جزاء من تسبب في هذه الفتنة {{ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ }} [ البروج : 10 ].


    by ‎Mohamed ع Abdel Hamed‎ on Wednesday, 16 January 2013 at 16:59 ·
     

    0 التعليقات:

    إرسال تعليق

     
    تصميم : Bloggermint | تعريب : قوالبنا للبلوجر
    المصري المثقف -2012