أئمة الشر .. الإخوان والشيعة

نشرت في :
  • الخميس، 30 مايو 2013
  • | من قبل
  • Unknown
  • |
  • التسميات: ,
  • أئمة الشر .. الإخوان والشيعة

    ثروت الخرباوى يكشف العمامة والطربوش

     

     



    تقى الله القمى.. العلامة الفارقة فى تاريخ العلاقة بين حسن البنا والشيعة


    كان الشيخ محمد تقى القـُمّى علامةً فارقةً فى تاريخ العلاقة بين حسن البنا والشيعة، ولمحمد تقى القمى قصة تقود إلى عالم سرى لم يتطرق إليه الإخوان إلا نادرا، ما قصة محمد تقى القمى؟ وما علاقته بالبنا؟

    ولد محمد تقى الدين القمى فى طهران عام ١٩٠٨ لعائلة شيعية ثرية، وكانت عائلته ذات باع طويل فى المذهب الشيعى، حتى إن سلسلة أجداده لسابع جد كانت ذات مكانة دينية كبيرة بين الشيعة، وكان والده «حجة الإسلام» وهو أعلى لقب دينى وقتها أقام أحمد القمى كبير القضاة الشرعيين بطهران، فكان أن نشأ الابن محمد تنشئة دينية ونهل المذهب الشيعى من المنبع، ويكبر الصبى ويصل إلى مدارج الشباب ويقرر أن يدرس اللغة العربية وآدابها وكأنه كان يصوب نظره نحو مستقبل يبتغيه، وبرع الشاب الصغير فى علوم اللغة العربية فى فترة قصيرة، وفى ذات الوقت ظل يواصل دراسته الدينية على يد بعض علماء الشيعة الكبار حتى استقام عوده وأصبح صاحب منهج وهدف، وعندما اقترب عمره من الثلاثين قرر أن يخرج من إيران ويجوب العالم فى رحلة شبيهة برحلات «جليفر» الأسطورية، فكانت رحلة «القمى فى بلاد أهل السنة»، تلك الرحلة التى قضى فيها الجزء الأكبر من حياته.

    ترك القمى إيران عام ١٩٣٧م، وبدأ رحلته الطويلة التى سماها رحلة التقريب بين السنة والشيعة! هل من الممكن أن يحدث هذا؟ هل من الممكن أن يلتقى الشتيتان، بعد أن ظنا كل الظن أن لا تلاقيا؟! وهل كان التقريب هو هدف القمى أم كانت له أهداف أخرى؟ فكرة التقريب هذه قد تبدو خلابة آسرة مبهرة، فما أعظم أن تتوحد الأمة، لكن كيف ستتوحد؟ أسيتخلى أهل السنة عن عقيدتهم الراسخة، ويندمجون فى المذهب الشيعى؟ أم سيحدث العكس ويتخلى الشيعة عن تشيعهم وعن نظرتهم التكفيرية لكبار الصحابة؟ هل سيعيد الشيعة الاعتبار إلى السيدة عائشة رضى الله عنها؟ هل سيصبح الإمام الغائب محمد بن الحسن المهدى أسطورة من أساطيرهم أم سيظل عقيدة راسخة رسوخ الجبال؟ هل الفروقات الضخمة بين العقيدتين ستصير إلى زوال؟ أم أن هذا التفرق هو من أقدار الله لهذه الأمة لذلك قال سبحانه فى الكتاب الكريم (ولا يزالون مختلفين)، ثم قال (ولذلك خلقهم) ولذلك أيضا قال الرسول صلى الله عليه وسلم (ستفترق أمتى على ثلاث وسبعين شعبة).

    حط القمى رحاله فى العراق ثم لبنان، وفيهما تشاور مع علماء الشيعة، وأبدى لهم رغبته فى تقريب أهل السنة للشيعة، والغريب أن علماء الشيعة الذين تحدث معه القمى وافقوه على رغبته، وكأن هذا الأمر متفق عليه من قبل، وكأنه خطوة مرسومة، ظاهرها هو تجميع الأمة تحت راية واحدة، لكن باطنها هو تمييع عقيدة أهل السنة! أو بالأحرى كانت بوابة التقريب هى البوابة التى راهن الشيعة عليها فى نشر المذهب الشيعى فى مصر، بحسب أن أهل مصر يضعون آل البيت فى منزلة كبيرة، لذلك كانت مصر هى المحطة الثالثة للشيخ محمد القمى، وضع القمى نصب عينيه أن مصر هى قلب العالم الإسلامى، وفيها الأزهر الشريف الذى كان فى بدايته مركزًا شيعيًّا فاطميًّا، ولعلنا نتذكر دخول الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد إلى الأزهر الشريف فى أثناء زيارته مصر فى فبراير عام 2013، وقتها رفع نجاد إصبعيه علامة النصر، وكأنه غازٍ، جاء يعيد مجد أجداده الفاطميين بما يذكرنا بمقولة الجنرال الفرنسى «هنرى جورو» الذى دخل إلى دمشق غازيًّا بعد معركة ميسلون فتوجه إلى قبر صلاح الدين الأيوبى ووقف على القبر متشفيًّا حاقدًا، وظهر حقده فى عبارته الشهيرة التى قالها وقتئذ: (ها قد عدنا يا صلاح الدين).

    كان الأزهر هو المستهدف الأول للشيخ محمد القمى، فمن خلاله قد يستطيع الشيعة نشر المذهب الشيعى فى مصر، مستغلين فى ذلك حب المصريين وشغفهم بآل البيت وأضرحتهم، ورد فى بال القمى وقتئذ أن الأزهر كان هو المهبط الذى هبط عليه رجل الدين الشيعى «جمال الدين الأسد آبادى الشهير بجمال الدين الأفغانى» فى أثناء تجواله فى بلاد أهل السنة، ومن خلاله تعرف على الشيخ محمد عبده وعلى كثير من علماء الأزهر الكبار، ومن خلال الأزهر قد يستطيع القمى التغلغل وسط أهل السنة وإقناعهم بالتعبد لله وفقا لمذاهب الشيعة!

    وإذ وصل القمى إلى مصر توجه أول ما توجه إلى حسن البنا الذى استقبله وأحسن وفادته، ثم استطاع بعد أيام قليلة عن طريق البنا الاجتماع بشيخ الأزهر الشيخ مصطفى المراغى، عرض القمى على المراغى فكرة أن تجتمع الأمة تحت راية واحدة، وأن ننسى خلافاتنا العقائدية، فاستقبل المراغى هذه الفكرة قبولًا حسنًا، ووقع فى خاطره أن أهل الشيعة من الممكن أن ينتقلوا من تشيعهم إلى «التسنن»، فكان أن مد له يد المساعدة وهيّأ له فرصة الاتصال بعلماء السنة الكبار كالشيخ عبد المجيد سليم، كانت الفرصة سانحة فطلب القمى من شيخ الأزهر إتاحة الفرصة له للتدريس فى الأزهر كوسيلة من وسائل التمازج النفسى والمشاعرى والفكرى، فوافق المراغى وأصبح القمى محاضرا فى الأزهر للفلسفة الإسلامية! وحين اشتعلت الحرب العالمية الثانية عاد القمى إلى إيران حيث ظل فيها سنوات قليلة، وفيها تقابل مع أكبر رجل دين شيعى، هو «آية الله العظمى الإمام البروجردى»، وفى هذا اللقاء تلقى القمى دعمًا معنويًّا كبيرًا من إمامه الشيعى الكبير، إذ كانت الفكرة التى اختمرت فى ذهن رجل الدين الكبير، هو أنه من خلال فكرة التقريب هذه سينجح الشيعة فى «تشييع أهل السنة»، وكما يقولون فى المثل «كل يغنى على ليلاه».

    وبعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها عاد القمى إلى مصر ليستكمل رحلته التى ظاهرها «التقريب» وباطنها «التشييع»، والتقى القمى بعد عودته أول ما التقى بصديقه الحميم حسن البنا، وكان البنا عند حسن ظن القمى به فقد جعل من إحدى حجرات المقر سكنًا ومقرًا له، أسر القمى للبنا بسر عودته ومشروعه الذى يسير فيه، فبارك البنا له ما فكر فيه: «نعم الرأى ما رأيت يا قمى».

    ومع عدد من علماء السنة كانت لقاءات وحوارات، وفى غضون شهر فبراير من عام 1947 قام القمى بتأسيس «دار التقريب بين المذاهب الإسلامية»، ونجح الرجل الدؤوب فى ضم عدد لا يستهان به من أصحاب القامات العلمية السنية الكبيرة إلى جمعيته هذه، كان منهم الشيخ محمود شلتوت الذى أصبح شيخًا للأزهر فى ما بعد، والشيخ مصطفى عبد الرازق، والشيخ عبد العزيز عيسى، ووسط هذا الجمع كان حسن البنا المرشد الأول للجماعة، لا شك أنها كانت صداقة وطيدة تلك التى جمعت بين هذين الرجلين حتى إن تاريخ جماعة الإخوان كان ولا يزال يشيد بهذه الصداقة ويعتبرها من فتوحات البنا.

    فتحت دار التقريب أبوابها فضمت لاستكمال الشكل العالم الشيعى الكبير الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء، والعالم الشيعى العراقى الكبير «السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوى» وغيرهم، وبعد إشهار الجمعية صار الشيخ محمد القمى سكرتيرها العام ومؤسسها الأول وفقا لما ورد فى المادة السادسة من النظام الأساسى للجمعية، وكان من نشاط جمعية القمى هذه إصدار مجلة أطلقوا عليها اسم «رسالة الإسلام»، وظلت هذه المجلة تصدر ردحًا من الزمن اقترب من عقد ونصف العقد، وفى أعداد هذه المجلة تم نشر الفتوى الشهيرة للشيخ محمود شلتوت، التى كانت مفاجأة كبرى لأهل السنة، أصدر الشيخ شلتوت فتواه فى إبريل ١٩٦٠، وذهب فيها إلى جواز التعبد على المذاهب الإسلامية، ومنها مذهب الشيعة الأمامية (الإثنا عشرية).

    وبذلك نجح القمى فى استخلاص فتوى من أكبر قامة علمية سنية بجواز التعبد بمذهب الشيعة الإمامية الإثنى عشرية، فى الوقت الذى لم يبح فيه أى عالم من الشيعة للشيعة بجواز التعبد لله بأى مذهب من مذاهب أهل السنة، ويبدو أن تأثر الشيخ شلتوت، رحمه الله، بفكرة التقريب هو الذى دعاه إلى إصدار هذه الفتوى، إذ قال فى أحد أعداد مجلة التقريب (وكنت أود لو كتب قصة التقريب أحد غير أخى الإمام المصلح محمد تقى القمى ليستطيع أن يتحدث عن ذلك العالم المجاهد الذى لا يتحدث عن نفسه ولا عما لاقاه فى سبيل دعوته، وهو أول من دعا إلى هذه الدعوة وهاجر من أجلها إلى هذا البلد، بلد الأزهر الشريف، فعاش معها وإلى جوارها منذ غرسها بذرة مرجوة على بركة الله، وظل يتعهد بالسقى والرعاية بما أتاه الله من عبقرية وإخلاص وعلم غزير وشخصية قوية وصبر على الغير وثبات على صروف الدهر حتى رآها شجرة سامقة الأصول باسقة الفروع تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها ويستظل بظلها أئمة وعلماء ومفكرون فى هذا البلد وفى غيره).

    علاقة القمى بالمرشد الأول حسن البنا كانت ظاهرة أمام العيان غير خفية ولا خافية على أحد، ذكرها الأستاذ محمود عبد الحليم المؤرخ الأول للإخوان فى كتابه (الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ الجزء الأول)، وقال عنها المرشد الثالث الأستاذ عمر التلمسانى «كان البنا حريصًا على توحيد كلمة المسلمين، وكان يرمى إلى مؤتمر يجمع الفرق الإسلامية لعل الله يهديهم إلى الإجماع على أمر يحول بينهم وبين تكفير بعضهم، خاصة وأن قرآننا واحد وديننا واحد ورسولنا صلى الله عليه وسلم واحد، وإلهنا واحد، ولقد استضاف لهذا الغرض محمد القمى أحد كبار علماء الشيعة وزعمائهم فى المركز العام فترة ليست بالقصيرة»، ولعلى لم أجد أحدًا يخالف هذه الحقيقة، كما أنه من المعروف أن البنا قد قابل المرجع الشيعى آية الله الكاشانى فى أثناء الحج عام 1948، وحدث بينهما تفاهم.

    وبعد أكثر من أربعين عامًا من مقتل حسن البنا وتحديدا فى غضون عام 1990، وقعت حادثة سير أليمة فى باريس توفى بسببها الشيخ الغامض «محمد القـُمى»، وتم نقل جثمانه إلى طهران حيث دفن هناك.

    ■ ■ ■

    كان كتاب حسن البنا «مذكرات الدعوة والداعية» كاشفًا عن رجل خلط بين نفسه والدعوة، حتى إن الإخوان لا يزالون إلى الآن يتحدثون عن البنا (صاحب الدعوة)، ولدرجة أن الإخوان طبعوا عام 1990 كتيبًا وزعوه على قسم الأشبال بالجماعة عنوانه (حسن البنا مؤسس الدعوة الإسلامية)، وعندما أراد الإخوان أن يهذبوا من هذه العبارة قالوا فى كل أدبياتهم إن حسن البنا مؤسس الحركة الإسلامية، وكأن الله سبحانه أرسل نبينا وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام لينشر الدين الإسلامى، ثم أرسل الإمام المعصوم حسن البنا ليؤسس الحركة الإسلامية!

    فى مذكرات الأستاذ محمود عساف كتب يقول (كان البنا يسأل الشخص المرشح سؤالًا: هل إذا حدث انقلاب فى الإخوان، وأبعد حسن البنا هل تظل تعمل فى الجماعة؟) ثم يقول عساف (كان هذا السؤال يلح عليه حيث انشق بعض المعارضين، لم يحس المنشقون بمدى تجسيد الدعوة فى شخص حسن البنا).

    فإذا قرأنا تراث حسن البنا نجد أنه كان حريصًا أشد ما يكون الحرص على تجميع الأمة تحت راية واحدة، وحسنا هى تلك الفكرة، لكنه كان لا يرى إلا رايته هو، ولا يرى إلا نفسه هو، هو الذى يجب أن تجتمع الأمة خلفه ليكون قائدها الربانى، وليس هناك من سبيل إلا ذلك إلا الجمع بين الشيعة والسنة فى إناء واحد، حتى ولو أدى الأمر إلى التمييع والتنازل، فالعقيدة نفسها لا تهم، والولاء ليس له وجود إلا الولاء إلى المرشد، لم يدرك البنا أن رغبته الجارفة فى أن يكون مرشد هذه الأمة لا تتحقق بالتمييع والتنازل عن ثوابت الأمة، لكن رغبته الجارفة فى إمامة الأمة كلها جعلته ينظر إلى الموضوع نظرة سياسية لا عقائدية، أو بالأحرى نظرة ذاتية، لذلك كان يبغض الأحزاب كلها، ويقف ضدها، وكان أيضا يكره أن تنقسم الأمة إلى شيعة وسنة، هو يريد أن تكون أمة واحدة ليتسيد هو على الجميع ويكون إمامًا للكل.

    تجد حسن البنا يقول فى رسائله كلامًا طيبًا فى ظاهره إلا أنك إذا تمليته وسبرت غوره وأنزلته إلى حياة البنا وتوجهاته ستجد معنى يختلف عن المعنى الظاهر، بل ستجد غموضًا وتقية، فهو يقول فى رسالة دعوتنا (اعلم فقهك الله أولا: إن دعوة الإخوان المسلمين دعوة عامة لا تنتسب إلى طائفة خاصة، ولا تنحاز إلى رأى عرف عند الناس بلون خاص ومستلزمات وتوابع خاصة، وهى تتوجه إلى صميم الدين ولبه، وتود أن تتوحد وجهة الأنظار والهمم حتى يكون العمل أجدى والإنتاج أعظم وأكبر، فدعوة الإخوان دعوة بيضاء نقية غير ملونة بلون، وهى مع الحق أينما كان، تحب الإجماع، وتكره الشذوذ، وإن أعظم ما منى به المسلمون الفرقة والخلاف، وأساس ما انتصروا به الحب والوحدة.

    والمعنى البادى هنا أن جماعة الإخوان ليست جماعة لأهل السنة، ولا لطوائف الشيعة، كما أنها ليست للخوارج، أو المعتزلة، أو الأشاعرة، أو الجهمية، هكذا هو يقول، لكنها (لا تنتسب إلى طائفة خاصة)، كما أنها وفقًا للبنا فى رسالته (لا تنحاز إلى رأى عرف عند الناس بلون خاص ومستلزمات وتوابع خاصة)! ثم يقول (دعوة الإخوان بيضاء نقية غير ملونة بلون).

    هل فهمت شيئا من هذا الكلام، وهل يؤدى إلى معنى واضح، وما تلك الكلمات الغامضة التى يقول فيها (رأى عرف عند الناس بلون خاص ومستلزمات وتوابع خاصة)!

    ولعلك تلحظ «التقية» فى كلماته هذه، فقد وضعها بطريقة نفهمها على أكثر من نحو، فهو يكاد يقول إن جماعة الإخوان ليست جماعة سنية، ولا شيعية، لكنها تجمع بين هذا وذاك.

    وتكملة للتقية فى رسائل البنا نجده يقول رسالته هذه تحت عنوان «نعتذر لمخالفينا»... (.... ثم أمر آخر جدير بالنظر.. إن الناس كانوا إذا اختلفوا رجعوا إلى الخليفة وشرطه الإمامة فيقضى بينهم، أما الآن فأين الخليفة؟).

    والكلام عن «الخليفة وشرطه الإمامة» يدخلنا فى الطائفة الشيعية من أوسع أبوابها، إذ عندهم فارق كبير بين الخليفة والإمام، ففى دراسة أعدها «مركز الأبحاث العقائدية»، وهو أحد المراكز الشيعية الكبيرة تحت عنوان «الخليفة والإمام».

    ذكروا فى تعريف الخلافة أنها: الرئاسة العامة فى التصدى لإقامة الدين بإحياء العلوم الدينية وإقامة أركان الإسلام، والقيام بالجهاد وما يتعلق به من ترتيب الجيوش والفرض للمقاتلة وإعطائهم من الفيئ، والقيام بالقضاء وإقامة الحدود ورفع المظالم والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، نيابة عن النبى «صلى الله عليه وآله وسلم» وهى لا تكون إلا بنص النبى «صلى الله عليه وآله» وما زعموه من أنه: لا يصلح أن يقال إن الله يستخلف أحدا عنه، ممنوعة، لتصريح أئمة السنة بكون داود «عليه السلام» خليفة الله، وأنه قد وصف بهذا فى القرآن العظيم، وإنما انحرفوا عن هذا المعنى تصحيحًا لخلافة الثلاثة، وتوسلوا فى سبيل إثبات صحة خلافاتهم بالشورى حتى عدّوا الخلافة جزءا منها، ورغم أن مصطلح الخلافة ظاهرا فى معنى الإيصاء وتنصيب النائب عن منوبة، إذ يفترض وجود مستخلف، وأنه مريد لتعيين من يخلفه، لأن ذلك من شؤونه لا من شأن غيره، ولو لم يكن هذا المعنى لازمًا لمفهوم الخليفة لما ترك الخليفة الأول والخليفة الثانى الأمة دون أن ينصبوا رئيسًا لها وإن كان هذا التنصيب بأشكال مختلفة، فتحصل من كل ذلك أن الخلافة لا تصح إلا بأن ينص السابق على لاحقه، وأنها من شؤون الدين لا من شؤون الناس، أما الإمامة فهى الخلافة الإلهية التى تكون متممة لوظائف النبى «صلى الله عليه وآله» وإدامتها عدا الوحى، فكل وظيفة من وظائف الرسول من هداية البشر وإرشادهم وسوقهم إلى ما فيه الصلاح والسعادة فى الدارين وتدبير شؤونهم وإقامة العدل ورفع الظلم والعدوان وحفظ الشرع وبيان الكتاب ورفع الاختلاف وتزكية الناس وتربيتهم، وغير ذلك كلها ثابتة للإمام، فما أوجب إدراج النبوة فى أصول الدين هو بعينه الذى أوجب إدراج الإمامة بالمعنى المذكور فيها، ويشهد لكون الإمامة من أصول الدين أن منزلة الإمام كمنزلة النبى فى حفظ الشرع ووجوب اتباعه والحاجة إليه ورياسته العامة بلا فرق، وقد وافق على أنها من أصول الدين جماعة من مخالفى الإمامية كالقاضى البيضاوى، فالإمامة ليست مجرد زعامة اجتماعية وسياسية، فلو كانت كذلك لكان الإنصاف أنها من فروع الدين كسائر الواجبات الشرعية من الصوم والصلاة وغيرهما، لكن الشيعة لا يكتفون بمجرد هذا المعنى، بل هى عندهم لطف إلهى كالنبوة، فتكون أصلًا لا فرعًا).

    المستفاد من رسائل حسن البنا أنه أراد أن يزيل الفوارق بين العقائد، ولذلك أطلق مقولة أستاذه رشيد رضا فى هذا المضمار فقال (فلنعمل فيما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا البعض فيما اختلفنا فيه)، هو يريد من جماعته أن تجمع الكل فى إناء واحد، ويكون هو المهيمن على الإناء وحده، ألم يقل من قبل لسكرتيره محمود عساف إن الإيمان لديك بدعوة الإخوان لا يكتمل إلا إذا آمنت بصاحب هذه الدعوة حسن البنا.

    هكذا كان ينظر حسن البنا إلى نفسه، وهكذا كان أتباعه ينظرون إليه، هو الإمام المعصوم الذى لا يأتيه الباطل أبدا، لذلك عندما وقع الشيخ محمد القمى تحت يد البنا وجده لقمة سائغة لتحقيق هدفه فى تجميع الأمة كلها تحت راية الإخوان المسلمين، ولا نستطيع فى الحقيقة معرفة من الذى التهم من؟! خاصة أن حسن البنا هو الذى قام بتوصيل القمى للشيخ محمود شلتوت قبل أن يصبح شيخًا للأزهر، وهو الذى استطاع التأثير عليه من الناحية العاطفية تحت لافتة أن شلتوت من الممكن أن يجمع طائفة الشيعة مع السنة بحيث يدخلهم إلى التسنن، ومن أجل هذا كان الشيخ شلتوت، رحمه الله، فى معية دار التقريب، ومن أجل هذا أيضا أصدر فتواه الشهيرة بجواز التعبد لله على عقيدة الإمامية الإثنى عشرية!

     

    0 التعليقات:

    إرسال تعليق

     
    تصميم : Bloggermint | تعريب : قوالبنا للبلوجر
    المصري المثقف -2012