القديس أوغسطين
*
هذه هي الشخصية 53 التي
اعتبرها مؤلف كتاب المئة الأوائل من أكثر الشخصيات
تأثيرا.
* عاش أوغسطين أثناء سنوات انحطاط وسقوط الإمبراطورية
الرومانية وكان أعظم عالم لاهوتي في ذلك العصر وقد أثرت كتاباته على
المذاهب والمواقف الدينية خلال القرون الوسطى وحتى يومنا
هذا.
- ولد أوغسطين عام 354 في مدينة تاغاستي (وتسمى الآن سوق
احرس في الجزائر) وكان والده وثنياً أما والدته فكانت مسيحية متحمسة
ولذا فلم يعمد وهو طفل.
- كان ذكائه بادياً وهو في سن المراهقة وفي سن السادسة عشرة
أرسل إلى قرطاجة للدراسة وهنالك اتخذ له خليلة وأنجب طفلاً غير شرعياً
وفي التاسع عشرة قرر دراسة الفلسفة وسرعان ما تحول إلى الديانة
(المانية) وهو دين (ماني) الفارسي وفي بادئ الأمر لم يرق له الدين
المسيحي بل تعلق بالمانية لأنه اعتقد أن المسيحية غير ممتعة عقلياً
وعندما أصبح في التاسعة والعشرين انتقل إلى روما ثم إلى ميلان في شمال
ايطاليا حيث أصبح أستاذاً لعلم البلاغة والخطابة وهنالك ألمّ بالفلسفة
الأفلاطونية الحديثة وهي نسخة معدلة عن فلسفة
أفلاطون.
- و كان أسقف ميلان في ذلك الوقت القديس امبروس وقد أصغى
أوغسطين لبعض عظاته التي عرّفته على مظهر جديد مصقول لامع من المسيحية
وفي الثانية والثلاثين تحوّل أوغسطين إلى المسيحية وأصبح الرجل المرتاب
من أشد أنصار المسيحية حماساً وإخلاصاً وفي عام 387 عمدّه القديس
امبروس وبعد ذلك رجع إلى وطنه الجزائر.
- وفي عام 391 أصبح مساعداً للأسقف هيبو وبعد خمس سنوات توفي
الأسقف وأصبح أوغسطين وهو في الثانية والأربعين أسقفاً لمدينة هيبو وقد
بقي في هذا المركز طيلة حياته ومع أن مدينة هيبو كانت صغيرة إلا أن
ذكاء أوغسطين وتوقد ذهنه بدا واضحاً للجميع وأصبح أحد زعماء الكنسية
المرموقين ومع أن بنيه كانت ضعيفة إلا أنه وبمساعدة أحد الكتاب استطاع
أن يؤلف عدداً من الكتابات الدينية وقد بقيت إلى الآن حوالي
500
من عظاته فضلاً عن حوالي 200 من رسائله وأما كتبه فإن أعظم
كتابين هما (مدينة الله) و (الاعترافات) والأخير ألّفه وهو في
الأربعينات.
- إن كثيراً من رسائل وعظات أوغسطين كانت نقداً وتفنيداً
للديانة (المانية) وجميع الفرق المسيحية المنشقة وأن مجادلته الشديدة
مع البيلاجيين وهم (فرقة مسيحية كافرة في تلك الأيام) تؤلف جزءاً من
مذهب أوغسطين الديني.
- وقد كان بيلاجيوس راهباً انكليزياُ أتى إلى روما عام 400
وهناك قدم مذاهب دينية لاهوتية وأعلن أن كل إنسان هو بدون خطيئة ونحن
أحرار في أن نختار الخير أو الشر بالمعيشة الخيرة والأعمال الصالحة
ويمكن للفرد أن يحصل على الخلاص بنفسه.
- ولكن ومن خلال كتابات أوغسطين ونفوذه أعلن أن بيلاجيوس كافر
وفرض عليه الحرمان بعد أن طرد من روما وطبقاً لآراء أوغسطين أن جميع
البشر ملطخون بخطيئة آدم ولا تستطيع البشرية أن تحصل على الخلاص
بأعمالها الخاصة الخيرة بل بفضل ونعمة الله فقط وقد كانت هنالك أفكار
مشابهة الأفكار أوغسطين من قبل ولكن أوغسطين ثبت هذه الأفكار في
المعتقدات المسيحية.
- بالحقيقة إن آراء القديس أوغسطين بالنسبة للجنس كان لها
تأثير كبير على المواقف في القرون الوسطى اتجاه الجنس فقد قرر أوغسطين
بعد تحوله إلى الدين المسيحي أن ينصرف عن الجنس فقد كتب مرة يقول: " لا
شيء يجب أن نتجنبه مثل الجنس والعلاقة الجنسية " وقد كان نبذ الجنس
يبدو صعباً بالنسبة للقديس أوغسطين ولكن نضاله الشخصي للامتناع عن
العلاقات الجنسية وآراءه الشخصية في هذا الموضوع قد وصفها بدقة في
كتابه الاعترافات.
- وكانت الإمبراطورية الرومانية تنحدر في مهاوي السقوط أثناء
حياة القديس أوغسطين ولقد كانت كتاباته وسيلة لدخول وانتقال كثير من
الفلسفة اليونانية إلى أوربا في القرون الوسطى وبصورة خاصة الأفلاطونية
الحديثة إننا سمعنا من خلال أقواله عبارات دسكارتيس اليوناني الشهيرة
(أظن، لذلك أنني موجود).
- لقد كان أوغسطين آخر عالم في اللاهوت المسيحي قبل حلول
القرون الوسطى المظلمة وبقيت كتاباته ذات تأثير طيلة العصور
الوسطى.
- وقد تأثر بكتاباته كثير من رجال الدين الشهيرين مثل القديس
توماس أكونياس ولوثر وكالفن.
- توفي أوغسطين في مدينة هيبو عام 430 ب. م في السادسة
والسبعين وكانت القبائل الفندالية البربرية تحاصر مدينة هيبو عند وفاته
وقد أحرقوا المدينة ولكن كاتيدرائية أوغسطين ومكتبته نجتا من
الحرق.
0 التعليقات:
إرسال تعليق