حكومة المستطاع
حكومة
المستطاع
"إذا أردت أن تطاع
فأمر بما هو مستطاع"، حكمة رائعة تحمل الكثير من المنطق والواقعية،
فبالفعل لا يمكن أن تطالب بشئ من المستحيل
تحقيقة، وإذا طبقنا هذه الحكمة علي حكومة الواقع سنجد أن الشعب يريد - منذ بداية
ثورة 25 يناير وحتي ثورة 30 يونيو - من الحكومة بمطالب أو أوامر ولا يتم تحقيق أي
منهم حتي الأن، فما السبب وراء عدم تنفيذ هذه المطالب أو حتي تأخرها، هل هذه
المطالب تستطيع الحكومة تحقيقها، أم هي مجرد سيل من المطالب المستحيلة لتجريف أي
حكومة تقف أمام هذه المطالب، أم هي مطالب مستطاعة و تتكاسل الحكومات المتعاقبة علي
مصر علي تحقيقها، يجب أن نفند هذه المطالب أولاً لنعلم طبيعة هذه المطالب!
عيش وحرية وعدالة إجتماعية وكرامة إنسانية والمستشفيات
متطورة ومجهزة لإستقبال المرضي وتأمين صحي مناسب وجيد للمواطن وأمن وأمان وتعليم
جيد وتطور البحث العلمي وجيل واعي ومثقف وهواء غير ملوث وغذاء صحي وغير مسرطن والمية
والنور مش بيقطعوا والصرف الصحي يبقي صحي والقضاء علي العشوائيات وتوفير مساكن
آدمية لسكان العشوائيات وللشباب حتي يتمكن من الزواج وحل مشكلة العنوسة وتوفير فرص
عمل للشباب وحد أقصي وأدني للأجور والطرق مسفلتة وغير مزدحمة والبنزين متوفر في
محطاته والإهتمام بالمعاقين وتوفير طرق ووسائل مواصلات ووظائف مناسبة تناسب
إعاقتهم وتوفر لهم حياة كريمة بالإضافة إلي الوصول لكأس العالم وكل هذا تحت حكم مدني لا ديني ولا عسكري
ويطبق شرع الله، هذه ملخص مطالب التي طالبوا بها علي مدار الثلاث سنوات الماضية لهذا
دعونا نناقش بند بند حتي نعلم ما هو المطلب المستطاع وما هو المطلب المستحيل.
كان أول مطلب للشعب هو العيش وهي كلمة عميقة جداً لا
تعني مجرد رغيف العيش ولكن يظهر للكلمة كل فترة معنى جديد تحت مسمي جديد مرة دعم
يصل لمستحقيه ومرة إعانة بطالة ومرة مواد التموين ذات جودة عالية وبدون طوابير، وهو
بالمناسبة مطلب طبيعي لشعب مازال يحارب لوجوده في الحياه بسبب التكافل الإجتماعي، ورغم أننا دولة غنية الموارد ومن السهل تخصيص
جانب ضخم من الميزانية لهذا المطلب، إلا أنني أري أنه من أصعب المطالب ويصعب
تحقيقة ليس لأننا دولة فقيرة الموارد ولكننا دولة فقيرة الكوادر ونعاني من الغباء
الإداري حكومةً وشعباً، وهذا لا يعني أننا شعب غبي ولكن للإدارة فن خاص فتجد شخص
جاهل ولكنه مدير جيد، فما زلنا - في القرن
الواحد والعشرين - نترك إيجاد الكادر الجيد للصدفة ولا نحاول صنعة، ولذلك سنظل
دولة فقيرة في الموارد حتي نستطيع تعلم كيفية صنع المدراء الجيدين.
أما ثاني مطلب هو الحرية وهو مطلب بسيط، إلا أن المجتمع
تنقصه أحياناً ثقافة فهم الحرية، حيث يظن البعض أن السباب والتطاول علي الأخرين
نوع من أنواع الحرية، لذا يجب وضع قوانين صارمة لمنع المساس بحرية أي شخص سواء في
التعبير عن الرأي أو حرية التنقل والإقامة وأن يفعل ما يحلو له داخل جدران منزله
دون التنصت عليه، وفي نفس الوقت ألا يتجاوز مع الأخرين سواء التعدي علي حرية
الأشخاص أو التعدي علي حقوق المجتمع.
أما ثالث مطلب فهو مطلب العدالة الإجتماعية وهو مرتبط
بشدة بمطلب الكرامة الإنسانية وتندرج تحته كافة المطالب التي تتعلق بمطالب الإنسان
الأساسية وتحقيقها بصورة كريمة تليق بحياة الإنسان، مثل الحد الأدني والأعلي
للأجور لتحقيق العدالة الإجتماعية وكل ما يعتمد عليه الإنسان في حياته حتي يحي
حياه كريمة تليق بإنسان متحضرمن المأكل والمشرب وعلاج متطور وأماكن متطورة للعلاج والتعليم والتنقل ولممارسة الرياضة
وغيرها من أي حداثة في أي مجال، وهذا مطلب معقد لأن جزء منه مسئول عنه الحكومة في
شكل إجراءات من الممكن تطبيقها وجزء آخر يتمثل في تغيبر ثقافة المجتمع، فمثلاً يجب
أن يتعلم الشاب الإقبال علي العمل حتي لو كان بحد أدني للأجر وهذا الأجر لا يتناسب
مع طموحاته، وأن يكون له ثقافة تقبل عقاب المخطئ لأن العدالة الإجتماعية تعاقب المخطئ
مهما كان، وعلي المجتمع أيضاً أن يعلم أن التجارة مكسب وخسارة ومن الجائز جداً أن
توجد قوانين تعرض أكبر التجار للخسارة نتيجة هذه القوانين، وبصفة عامة علي المجتمع
إحترام والطوع للقوانين التي تحقق العدالة بين أفراد المجتمع.
أما مطلب
الأمن والأمان فهو مرتبط أيضاً بمطلب الكرامة الإنسانية، فهو مطلب ينصب كاملاً علي
الحكومة وكل ما ينصب علي المجتمع فقط هو مجرد الثقة في حكومته وأن كل إجراءات
الأمن والأمان لصالحة، فمثلاً عند فرض حذر التجول يجب أن يتقبله المجتمع وهذا
الأنصياع للقرار ليس خوفاً من الحاكم ولكن لثقته فيه ويعلم المجتمع أن هذا القرار
لمصلحته أولاً، والحكومة عليها أن تشدد الرقابة علي الضباط لعدم التخاذل في
واجبتهم، ووضع خطط جديدة ومتطورة لفرض الأمن وفرض هيمنة الدولة دون المساس بكرامة
المواطن مثل ماحدث مع "خالد سعيد" ولهذا يجب أن يكون التعامل مع المتهم
بإحترام حتي تثبت عليه تهمة ثم يقاد إلي محبسه معزز مكرم، ولهذا المطلب جانب خفي
وهو بعد دخول هذا المذنب محبسة ماذا سيقدم هذا المذنب للمجتمع عند خروجه؟ هل سيهدد
أمن المجتمع مرة أخري، فيجب علي الدولة أن تؤهل هذا المذنب ليكون إنسان صالح للمجتمع
ليكون السجن مكان للإصلاح والتأهيل وليس مكان للعقاب والتعذيب.
وبعد تحقيق هذه المطالب الأساسية ستتحقق باقي المطالب تلقائياً لأنه عند تغيير ثقافة المجتمع سيسهل تغير أي شئ وستتبقي مطالب إضافية وهي رفاهية وحضارة المجتمع، فإذا أردت النظر لأي مجتمع متحضر فأنظر إليه كيف يعامل معاقيه، وهذا ليس بالمطلب الصعب علي مجتمع يمتلك موروث حضاري منذ 7000 عام، بالإضافة إلي أنه يمكن إستغلال المعاقون في نهضة المجتمع فأنا أطلق عليهم "أصحاب القدرات الخاصة" فكل فرد من هؤلاء المعاقون يمتلك ميزة خاصة به، فتجد منهم العبقري والفنان والشاعر والكاتب وغيرها من المهن التي يعجز بعض الأصحاء عن ممارسة هذه المهن، كما أنه لو تم إستغلال الإرادة التي يمتلكها المعاقون في الألعاب الأولمبية الخاصة "بارالمبية" في تحقيق المزيد من الميداليات التي ترفع إسم مصر عالياً بين الدول.
أما الوصول لكأس العالم فأراه مطلب مستحق بل طبيعي والحكومات تتخاذل عن تطوير هذا المجال الذي يراه المصريون هو مصدر الفرحة لهم، فمصر تعج بالمواهب الكروية الموجودة في كل الشوارع والحارات ولكن لا يتم صقل هذه المواهب بالقوة والسرعة وهي أساسيات الكرة الحديثة والتي يستطيع تطويرها بالأندية المحترفة والتي تمتلك أفضل أساليب التدريب، وإذا نظرنا إلي الأندية المصرية التي تطبق الإحتراف بشكل صحيح سنجد أنه نادي وحيد في بلد تضم 90 مليون مواطن وبعض الأندية الأخري التي لا يزيد عددها عن عدد أطراف أصابع اليد، وهناك إجرائين من الممكن إتخاذهما لتطوير اللعبة الشعبية الأولي في مصر، الأول أن هناك العديد من الأندية الشعبية التي تمتلك رأس مال جماهيري ولا تمتلك أموال كافية لدفع مرتبات اللا عبين لهذا يستحسن استثمار شعبية هذه الأندية وخصخصتها حتي يتم تطويرها لتصب في مصلحة اللاعب المصري ومن ثم في صالح المنتخب، وثاني أجراء هو أقرب إلي قرار سياسي وإدخال قاعدة لعب في الوطن العربي مثل دول الإتحاد الأوربي لتزداد رقعة اللاعبين في الوطن العربي كاملاً ولمعرفة مدي الإستفادة من هذه الطريقة في أوربا سنجد أن نهائي كأسي العالم 2006 و2010 أوربيين خالصين وهذا دليل علي إستفادة المنتخبات الأوربية من هذه القاعدة.
وعلي الرغم من كثرة هذه المطالب إلا أن هناك شرط رئيسي حتي لو تم تحقيق هذه المطالب من قبل رئيس ديني أو عسكري فهذا مرفوض شكلأ موضوعاً، وعلي الرغم من المبالغة في هذا المطلب إلا أنه يبدو صحيح لأنه لا يمكن تحقيق هذه المطالب في ظل حكم ديني أو عسكري حيث لايمكن تحقيق مطلب الحرية في ظل حكومات تستخدم في أحيان كثيرة الفاشية.
أما مطلب تطبيق شرع الله فهو مطلب لايدل إلا علي جهالة طالبه فهل لا يعلم هذا المطالب أن الشريعة مطبقة بالفعل، وإذا أخذت عينة عشوائية من المطالبين بتطبيق شرع الله ستجد إجابات غريبة ومتناقضة وكلاً منهم يحمل تخيلات مريضة عن الشريعة الإٍسلامية، فهناك من يقول أن الشريعة هي فرض الحجاب بقوة ومن يقول قطع يد السارق ومن يقول منع السياحة الشاطئية وهكذا، وهذا التضارب في التصريحات لا يدل إلا عن جهل المجتمع بأبسط قواعد دينه.
هذا التفنيد للمطالب وضح فيها أن ليس كل المطالب التي يطالب بها الشعب من حكومته هي مسئولية الحكومة وحدها بل هي مسئولية مشتركة بين الشعب وحكومته.
علي فين العزم يا مصر!!
علي
فين العزم يا مصر!!
في
البداية أود أن اعتذر لمن أعتاد أن يقرأ لي عن غيابي في الفترة السابقة لأني إعتدت
أن أكتب عن الأفكار وعن رؤية واضحة للأحداث، ورغم كثرة الأحداث وتاوترها إلا أنها
أحداث رتيبة ومملة ولا تولد الأفكار، فأصبحت الرؤية ضبابية والكلام لا يفيد ومع
احترامي للجميع إلا أنه أصبحت المقالات مجرد ثرثرة لشخص فارغ الوقت، لقد أصبح
المنادون بالحقوق طابور خامس وعملاء وأصبح المنافقون نشطاء سياسيون والليبراليون
فاشيون والظالمين مظلمومين والبلطجية ثوار أما الثوار فأصبحوا رواد حزب الكنبة،
فتستطيع أن تطلق بكل ثقة أن هذه الأيام هي أيام فتنة كبري تعصف بمصر.
ففي أوقات الفتنة من الأفضل الإقلال من أي قول وفعل حتي لو كنا نري
أخطاء واضحة فيكفي التنبيه، وهذا هو الموقف المتبع من أغلب الثوار وهو عدم إتخاذ
أي موقف ثوري ليس من باب الخوف من بطش الحاكم ولكن من باب الحرص علي مصلحة الوطن
لكثرة المفاهيم الخاطئة فأصبح غير المؤيد إرهابي والغير معارض كافر، فبسبب أي حراك
ثوري ستكثر الإنقسامات وستنهار أي محاولة لإعادة الدولة المصرية، ولكن ما يؤخذ علي
هذه القوي الثورية المعطلة هو عدم إستغلال هذا الوقت في محاولة إصلاح سلبيات
المجتمع التي تنبئ بكارثة مجتمعية، فالأنانية
أصبحت سمة واضحة في المجتمع المصري فلا يوجد - إلا من رحم ربي - يعيش لغيرة أو
مجرد أن يساعدة وقد كان هذا المجتمع يتميز بالشهامة؛ أما في الوقت الحالي فقد
أصبحت العصبية والتسرع في الأحكام سمة العصر، فكل شخص يظن أنه الوحيد الذي يمتلك
المشاكل وأن الآخرين يجب تحمله ويظهر هذا السلوك واضحاً جلياً في الشوارع المزدحمة
بالسيارت والمارة فلا يبتسم أي مصري في وجه أخيه المصري فأزداد التشاحن والتشاجر
بين أهل مصر، وسوء الأخلاق الذي انتشر في المجتمع المصري كالنار في الهشيم فسماع
الألفاظ النابية سواء في الشارع المصري أو حتي وسائل الإعلام أصبح كتداول السلام
بين الناس، ورغم أنه من البديهي أننا نعلم أننا مختلفون إلا أننا أصبحنا لا نتقبل
أي خلاف ولا نود سماعة ونتمني له الهلاك وأصبح "البلوك" و"الأن
فرند" و"الأن فولو" هي الوسيلة المميزة لمواقع التواصل الإجتماعي
"الفيس بوك" و"تويتر" للهجر والخصام لكل المخالفين حتي وإن
كان هذا المخالف صديق قديم تجمعكما العديد من الذكريات أو حتي ذو صلة دم (قريب)
لدرجة أن هناك بعض الأخوة يقاطعون بعضهم البعض لإختلافهم السياسي، والتخوين
والإتهامات الزائفة والخوض في الأعراض وغيرها من الأمراض التي طرئت فجأة علي
المجتمع المصري، ويجب أن يكون الإعلام المصري مهتماً بمناقشة هذه الأمراض وأن يرصد
أراء أطباء علم الإجتماع في كيفية علاج هذه الأمراض، والرأي العام لايناقش إلا هذه
الأمراض وألا ينشغل بمواضيع لا تقدم أي حل إلا أنها تزيد من الإنقسامات والإختلافات
بين أفراد الشعب المصري.
وإذا لم ندرك حجم هذه المشكلة سريعاً وأن
نحاول إيجاد حلول واضحة وجذرية فأنه من المعروف في النظريات الفيزيائية أن العزم
في إتجاه القوه وهذا العزم علي سوء الأخلاق وزيادة الإنقسامات سيدفع بمصر في إتجاه
دولة رخوة ومجتمع فوضوي ستزداد بين أفراد مجتمعه الجرائم وكل جريمة لها مبررات
واهية، وسيأتي اليوم الذي سيجلس فيه أولادنا وأحفادنا ليشتمونا ويلعنونا لإضاعتنا
دولة كان اسمها مصر.
أأأأ
by Mohamed ع Abdel Hamed (Notes) on Saterday, 2 November 2013 at 13:25
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)