قصة أصحاب الأخدود
ورد ذكر القصة في سورة البروج الآيات 4-9، وتفصيلها في صحيح الإمام مسلم.
القصة:
إنها قصة فتى آمن، فصبر وثبت، فآمنت معه قريته.
لقد كان غلاما نبيها، ولم يكن قد آمن بعد. وكان يعيش في قرية ملكها كافر يدعي الألوهية. وكان للملك ساحر يستعين به.
وعندما تقدم العمر بالساحر، طلب من الملك أن يبعث له غلاما يعلمه السحر ليحل محله بعد موته. فاختير هذا الغلام وأرسل للساحر.
فكان الغلام يذهب للساحر ليتعلم منه، وفي طريقه كان يمر على راهب. فجلس معه مرة وأعجبه كلامه. فصار يجلس مع الراهب
في كل مرة يتوجه فيها إلى الساحر. وكان الساحر يضربه إن لم يحضر. فشكى ذلك للراهب. فقال له الراهب: إذا خشيت الساحر
فقل حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر.
وكان في طريقه في أحد الأيام، فإذا بحيوان عظيم يسد طريق الناس. فقال الغلام في نفسه، اليوم أعلم أيهم أفضل، الساحر أم الراهب. ثم أخذ حجرا وقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس. ثم رمى الحيوان فقلته، ومضى الناس في طريقهم. فتوجه الغلام للراهب وأخبره بما حدث. فقال له الراهب: يا بنى، أنت اليوم أفضل مني، وإنك ستبتلى، فإذا ابتليت فلا تدل علي .
وكان الغلام بتوفيق من الله يبرئ الأكمه والأبرص ويعالج الناس من جميع الأمراض. فسمع به أحد جلساء الملك، وكان قد فقد
بصره. فجمع هدايا كثرة وتوجه بها للغلام وقال له: أعطيك جميع هذه الهداية إن شفيتني. فأجاب الغلام: أنا لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله تعالى، فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك. فآمن جليس الملك، فشفاه الله تعالى.
فذهب جليس الملجس، وقعد بجوار الملك كما كان يقعد قبل أن يفقد بصره.
فقال له الملك: من رد عليك بصرك؟
فأجاب الجليس بثقة المؤمن: ربي .
فغضب الملك وقال: ولك رب غيري؟
فأجاب المؤمن دون تردد: ربي وربك الله.
فثار الملك، وأمر بتعذيبه. فلم يزالوا يعذبونه حتى دل على الغلام.
أمر الملك بإحضار الغلام، ثم قال له مخاطبا: يا بني لقد بلغت من السحر مبلغا عظيما، حتى أصبحت تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل.
فقال الغلام: إني لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله تعالى. فأمر الملك بتعذيبه. فعذبوه حتى دل على الراهب.
فأحضر الراهب وقيل له: ارجع عن دينك. فأبى الراهب ذلك. وجيئ بمشار، ووضع على مفرق رأسه، ثم نشر فوقع نصفين . ثم أحضر جليس الملك،
وقيل له: ارجع عن دينك.
فأبى. ففعل به كما فعل بالراهب.
ثم جيئ بالغلام وقيل له: ارجع عن دينك. فأبى
الغلام. فأمر الملك بأخذ الغلام لقمة جبل، وتخييره هناك، فإما أن يترك دينه أو أن يطرحوه من قمة الجبل.
فأخذ الجنود الغلام، وصعدوا به الجبل، فدعي الفتى ربه: اللهم اكفنيهم بما شئت. فاهتز الجبل وسقط الجنود. ورجع الغلام يمشي إلى الملك .
فقال الملك: أين من كان معك؟
فأجاب: كفانيهم الله تعالى.
فأمر الملك جنوده بحمل الغلام في سفينة، والذهاب به لوسط البحر، ثم تخييره هناك بالرجوع عن دينه أو إلقاءه.
فذهبوا به، فدعي الغلام الله: اللهم اكفنيهم بما شئت. فانقلبت بهم السفينة وغرق من كان عليها إلا الغلام. ثم رجع إلى الملك.
فسأله الملك باستغراب: أين من كان معك؟
فأجاب الغلام المتوكل على الله: كفانيهم الله تعالى. ثم قال للملك: إنك لن تستطيع قتلي حتى تفعل ما آمرك به.
فقال الملك: ما هو؟
فقال الفتى المؤمن: أن تجمع الناس في مكان واحد وتصلبني على جذع، ثم تأخذ سهما من كنانتي
وتضع السهم في القوس وتقول "بسم الله رب الغلام" ثم ارمني، فإن فعلت ذلك قتلتني.
استبشر الملك بهذا الأمر. فأمر على الفور بجمع الناس، وصلب الفتى أمامهم. ثم أخذ سهما من كنانته، ووضع السهم في القوس، وقال: باسم الله رب الغلام، ثم رماه فأصابه فقتله.
فصرخ الناس: آمنا برب الغلام. فهرع أصحاب الملك إليه وقالوا: أرأيت ما كنت تخشاه! لقد وقع، لقد آمن الناس.
فأمر الملك بحفر شق في الأرض، وإشعال النار فيها. ثم أمر جنوده، بتخيير الناس، فإما الرجوع عن الإيمان، أو إلقائهم في النار.
ففعل الجنود ذلك، حتى جاء دور امرأة ومعها صبي لها، فخافت أن ترمى في النار. فألهم الله الصبي أن يقول لها: يا أماه اصبري فإنك على الحق.
0 التعليقات:
إرسال تعليق