صلاح الدين الايوبي 4

نشرت في :
  • الثلاثاء، 17 يوليو 2012
  • | من قبل
  • Unknown
  • |
  • صلاح الدين الايوبي




     

    سلطان مصر

    الجامع الأزهر، أسسه الفاطميون كمدرسة لنشر الدعوة الإسماعيلية وحوله صلاح الدين الأيوبي إلى مدرسة للسنّة بعد توليه مصر عام 1171م، وقضاءه على الدولة الفاطمية والنفوذ الشيعي في البلاد.
    أخذ صلاح الدين يقوّي مركزه في مصر بعد زوال الدولة الفاطمية، ويسعى من أجل الاستقلال بها، فعمل على كسب محبة المصريين، وأسند مناصب الدولة إلى أنصاره وأقربائه، وعزل قضاة الشيعة واستبدلهم بقضاة شافعيون، وألغى مجالس الدعوة وأزال أصول المذهب الشيعي الإسماعيلي. ثم أبطل الأذان بحي على خير العمل محمد وعلي خير البشر، وأمر في يوم الجمعة العاشر من ذي الحجة سنة 565هـ، الموافقة سنة 1169م، بأن يذكر في خطبة الجمعة الخلفاء الراشدون جميعًا: أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، كما أسس مدرستين كبيرتين في الفسطاط هما المدرسة الناصرية، والمدرسة الكاملية حتى يُثبّت مذهب أهل السنة في البلاد، وكانت هاتان المدرستان تُلقنا علوم الشريعة وفق المذهبين المالكي والشافعي.
    وتخوّف نور الدين زنكي من تزايد قوة تابعه صلاح الدين، وكانت العلاقة بينهما على فتور أصلاً منذ أن تولّى صلاح الدين الحكم في مصر. بدأ هذا التوتر في العلاقة يظهر عندما تأخر صلاح الدين في الخطبة للخليفة العباسي في بغداد، حتى هدده نور الدين بالمسير إليه، وظهر أيضًا عندما أرسل صلاح الدين يطلب من نور الدين أن يرسل إليه إخوته فلم يجبه إلى ذلك وقال: "أخاف أن يخالف أحد منهم عليك فتفسد البلاد". وازداد الخلاف بينهما في سنة 567 هـ، الموافقة سنة 1172م، حتى أصبح وحشةً، وذلك عندما اتفقا على حصار قلعتيّ الكرك ومدينة الشوبك في صحراء الأردن، ورجع صلاح الدين إلى مصر، قبل أن يلتقي بنور الدين، خوفًا من أن يعزله الأخير عن مصر، وأن تؤدي السيطرة على القلعتين إلى فتح الطريق أمام نور الدين إلى القاهرة، فانسحب صلاح الدين متذرعًا بالأوضاع الخطيرة في مصر، فعظم الأمر على نور الدين، حتى قرر المسير إلى مصر. لما علم صلاح الدين بذلك جمع مقربيه وشاورهم بالأمر فمنهم من نصح بمقاتلة نور الدين إلا أن والده وخاله منعوه من ذلك وطالبه والده بإرسال رسائل الاعتذار والتبرير لنور الدين، لكن نور الدين لم يقتنع بأي من تلك التبريرات، وعزم على تسيير حملة إلى مصر لخلع صلاح الدين في أقرب فرصة متاحة.
    رسم "صلاح الدين ملك مصر"، من مخطوطة كتابية تعود للقرن الخامس عشر.
    وفي صيف سنة 1172م، وردت أنباء تفيد بأن جيشًا من النوبيين ترافقه عناصر أرمنيّة قد بلغ حدود مصر ويُحضّر لحصار أسوان، فطلب أميرها المعونة العسكرية من صلاح الدين، فأرسل إليه تعزيزات بقيادة شقيقه الأكبر، توران شاه، أرغمت النوبيين على الانسحاب. عاد الجيش النوبي إلى مصر في سنة 1173م، لكنه رُدّ على أعقابه في هذه المرة أيضًا، بل تعقبه الجيش الأيوبي حتى بلاد النوبة، وفتح بلدة قصر إبريم. وفي ذلك الوقت، كان نور الدين زنكي لم يتخذ أي خطوة عسكرية تجاه صلاح الدين بعد، لكنه طالبه بإعادة مبلغ 200,000 دينار كان نور الدين قد خصصه لتمويل حملة أسد الدين شيركوه التي نجحت في فتح البلاد والقضاء على النفوذ الصليبي والفاطمي فيها، فدفع صلاح الدين 60,000 دينار، وأرفقها بحمل من أفضل البضائع وبعض الجواهر، إضافة لحصان عربي أصيل، وفيل، واعتبر ذلك وفاءً للدين. استغل صلاح الدين فرصة مروره في الأراضي الشامية الصليبية لتوصيل الأموال والهدايا إلى دمشق، وأغار على بعض معاقل البدو في الصحراء ليحرم الصليبيين من فرصة الاستعانة بمتقفي الأثر أو أدلاء محليين يرشدونهم في حال قرروا مهاجمة مصر أو الأراضي الإسلامية المجاورة لهم، وجرى بينه وبين الإفرنج عدّة وقعات. وفي أثناء وجود صلاح الدين في الشام، أصيب والده نجم الدين أيوب بحادث أثناء امتطائه جواده، وتوفي في 27 ذي الحجة 568 هـ، بعد أيام قليلة قبل وصول صلاح الدين إلى مصر. وفي سنة 1174م، الموافقة سنة 569هـ، بلغ صلاح الدين أن رجلاً باليمن استولى عليها، وملك حصونها يسمى عبد النبي بن مهدي، ولمّا تبيّن له قوّة جيشه وكثرة جنوده، سيّر صلاح الدين أخاه شمس الدولة توران شاه إلى اليمن، فقتل ابن مهدي، وأخذ البلاد منه، عندئذ أعلنت الحجاز انضمامها إلى مصر أيضًا.
    أخذ نور الدين زنكي يجمع جيشًا ضخمًا في ربيع سنة 1174م، في محاولة لخلع صلاح الدين في مصر على ما يبدو، فأرسل رسلاً إلى الموصل وديار بكر والجزيرة الفراتية يحثون الرجال ويدعونهم للجهاد، غير أن تلك الحملة لم يُكتب لها أن تتم، إذ وقع نور الدين في أوائل شوال من سنة 569 هـ، الموافقة في شهر مايو من سنة 1174م بالذبحة الصدرية وبقي على فراش المرض أحد عشر يوما ليتوفى في 11 شوال سنة 569 هـ، الموافق فيه 15 مايو سنة 1174م، وهو في التاسعة والخمسين من عمره، وبوفاة نور الدين، استحال صلاح الدين سيد مصر الأوحد بشكل فعليّ، حيث استقل عن كل تبعية سياسية، ويُقال أنه أقسم آنذاك أن يُصبح سيفًا مسلولاً على أعدائه وأعداء الإسلام، وأصبح هو رأس أقوى سلالة حاكمة إسلامية في ذلك العهد، هي السلالة الأيوبية، لذا جرت عادة المؤرخين على تسمية المناطق التي خضعت لسلطانه وسلطان تابعيه بالدولة الأيوبية.

    0 التعليقات:

    إرسال تعليق

     
    تصميم : Bloggermint | تعريب : قوالبنا للبلوجر
    المصري المثقف -2012