الحجر الأسود
* الحِجـــــــر:
- يقول فضيلة الشيخ/ محمد
بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ في مجموع فتاواه: (هذا الحِجر يسميه كثير
من العوام حِجر إسماعيل, ولكنَّ هذه التسمية خطأ ليس لها أصل؛ فإن إسماعيل
لم يعلم عن هذا الحِجر؛ لأن سبب هذا الحِجر أن قريشاً لما بنت الكعبة,
وكانت في الأول على قواعد إبراهيم ممتدة نحو الشمال, فلما جمعت نفقة
الكعبة, وأرادت البناء, قصرت النفقة فصارت لا تكفي لبناء الكعبة على قواعد
إبراهيم, فقالوا نبني ما تحتمله النفقة, والباقي نجعله خارجاً, ونحجر عليه
حتى لا يطوف أحٌد من دونه, ومن هنا سُمِّي حِجراً؛ لأن قريشاً حجَرته حين
قصرت بها النفقة؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة ـ رضي الله
عنها ـ:( لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم, ولجعلت لها بابين, باباً يدخل منه الناس, وباباً يخرجون منه ).
- يقول الشيخ بكر أبو زيد ـ رحمه الله ـ في معجم المناهي اللفظية:( ذكر
المؤرخون, والإخباريون: أن إسماعيل بن إبراهيم ـ عليهما السلام ـ مدفون
في: ((الحِجِر)) من البيت العتيق, وقَلَّ أن يخلو من هذا كتاب من كتب
التاريخ العامة, وتواريخ مكة ـ زادها الله شرفاً ـ؛ لذا أُضيف الحِجر إليه,
لكن لا يثبت في هذا كبير شيء؛ ولذا فقُلِ: ((الحِجر)), ولا تقل: ((حجر
إسماعيل)) والله أعلم ).
- عُرف
الِحجر باسم الحطيم, وقد سُمِي بذلك؛ لأن البيت رفُع وُترِك وهو محطوط,
وقيل لأن العرب كانت تطرح فيه ما طاقت فيه من الثياب, فيبقى حتى يتحطم من
طول الزمان, وقيل سُمِي بالحطيم؛ لأن الناس كانوا يحطمون هنالك بالإيمان.
* الصفا والمروة:
- قال تعالى:( إنَّ
الصَّفَا والمَروةَ من شَعاَئر اللهِ فَمَن حَجَّ البَيت أوِ اعتَمَر
فَلاَ جُنَاحَ عَليِه أَن يَطَّوفَ بِهمَا وَمَن تَطَّوَّع َخَيراً فَإنَّ
الله شاِكرٌ عَليِم ) البقرة: 158.
- تقع
الصفا والمروة شرقي المسجد الحرام, وهما من الشعائر الواجبة التي يقوم
الحاج بالسعي بينهما سبعة أشواط بحكم قوله تعالى في الآية السابقة, حيث
كانت الصفا والمروة عبارة عن أكمة وسط مكة تحيط بها بيوت أهل مكة, والتي
منها دار الأرقام, ودار السائب ابن أبي السائب العائذي, ودار الخلد وغيرها.
- وكان
جبل الصفا: متصلاً بحبل أبي قبيس, والمروة متصلة بجبل قعيقعان, وهما جبلان
مشهوران بمكة, ويرجع بدء السعي بينهما إلى زمن إبراهيم عليه السلام, وذكر
القرطبي ـ رحمه الله ـ سبباً آخر للتسمية, فقال في تفسيره: أصل الصفا في
اللغة: الحجر الأملس, وهو جبل بمكة معروف, وكذلك المروة جبل أيضاً ...,
وذكر الصفا؛ لأن آدم المصطفى صلى الله عليه وسلم, وقف عليه فسمي به, ووقفت
حواء على المروة؛ فسميت باسم المرأة فأنثت لذلك. والله أعلم.
- ولا
شك أن للصفا والمروة أهميةً عظيمةً في نفوس العرب, ومكانةً كبيرةً في
تاريخ المسلمين, بل وفي تاريخ البشرية كلها, فهما من الآثار العظيمة,
والمشاعر المقدسة, والذكريات التاريخية, التي خلدها الإسلام في كتابه
العزيز, وفرض على المسلمين السعي بينهما, والوقوف عليهما: تخليداً لذكرى
وقوف آدم وحواء عليهما, كما جاء في بعض الأخبار, وشكراً لنعمة الله تعالى
على هاجر, وابنها إسماعيل عليهما السلام, وعلى البشرية من بعدهما, عندما
نبع ماء زمزم لهاجر بعد سعيها سبع مرات بين الصفا والمروة. ففي صحيح
البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: أن هاجر أم إسماعيل لما تركها
إبراهيم بموضع مكة, ومعها ابنها إسماعيل, وهو رضيع, وترك لها جراباً من
تمر, وسقاء فيه ماء, فلما نفذ ما في السقاء, عطشت, وعطش ابنها, وجعلت تنظر
إليه يتلوى, فانطلقت كراهية أن تنظر إليه, فوجدت الصفا أقرب جبل يليها
فقامت عليه, ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً, فلم تر أحداً, فهبطت من
الصفا, وأتت المروة, فقامت عليها فنظرت هل ترى أحداً, فلم ترى أحداً, ففعلت
ذلك سبع مرات! قال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فلذلك سعى
الناس بينهما. فسمعت صوتاً فقالت في نفسها: صه! ثم تسمعت, فسمعت أيضاً,
فقالت: قد أسمعت إن كان عندك غُوَاثٌ, فإذا هي بالملَك عند موضع زمزم, فبحث
بعقبه حتى ظهر الماء, فشربت, وأرضعت ولدها.
* الصفا والمروة:
- الصّفَا:
بالفتح, والقصر, والصّفا والصّفوان والصفواء كله العريض من الحجارة الملس,
جمع صّفاء, ويكتب بالألف, ويثنى صّفَوان, ومنه الصفا والمروة: وهما جبلان
بين بطحاء مكّة والمسجد, أمّا الصفا فمكان مرتفع من جبل أبي قبيس بينه وبين
المسجد الحرام عرض الوادي الذي هو طريق وسوق, ومن وقف على الصفا كان بحذاء
الحجر الأسود, والمشعر الحرام بين الصفا والمروة؛ قال نُصيب:
وبين الصفا والمروتين ذكرتكم بمختلف من بين ساعٍ ومُوجف
وعند طَوافي قد ذكرتُكِ ذكرة هي الموت بل كادت على الموتِ تُضعَف
وقال أيضاً:
طَلَعنَ علينا بينَ مروَةَ والصّفا يَمُرنَ على البطحاء موَر السحائِب
وكدنَ, لغمر الله, يُحدثن فتنةً لمختشع من خشية الله تائب
- الَمرْوَةُ:
واحدة المرو الذي قبله: جبل بمكة يعطف على الصّفا, قال عرّام: ومن جبال
مكة المروة جبل مائل إلى الحُمرة, أخبرني أبو الربيع سليمان بن عبد الله
المكّي المحدّث أن منزله في رأس المروة, وأنها أكمةٌ لطيفةٌ في وسط مكة,
ومنازلهم, قال: وهي في جانب مكة الذي يلي قُعيَقعان, وقد ثنّاه جرير وهو
واحد في قوله:
فلا يقرَبَنّ المروَتين ولا الصّفا ولا مسجدَ الله الحرامَ المطهّرَا
0 التعليقات:
إرسال تعليق