حـدود الأخـلاق
- للأخلاق حد متى جاوزته صارت عدوانا ، ومتى قصرت عنه كان نقصا ومهانة .
- فللغضب حد وهو الشجاعة المحمودة والأنفة من الرذائل والنقائص ، وهذا كماله. فإذا جاوز حده تعدى صاحبه وجار ، وإن نقص عنه جبن ولم يأنف من الرذائل .

- وللحرص حد وهو الكفاية في أمور الدنيا وحصول البلاغ منها ، فمتى نقص من ذلك كان مهانة وإضاعة ومتى زاد عليه كان شرها ورغبه فيما لا تحمد الرغبة
فيه .- وللحسد حد وهو المنافسة في طلب الكمال والأنفة أن يتقدم عليه نظيره ، فمتى تعدى ذلك صار بغيا وظلما يتمنى زوال النعمة عن المحسود ويحرص على إيذائه ، ومتى نقص عن ذلك كان دناءة وضعف همـه وصغر نفس .- وللشهوة حد وهو راحة القلب والعقل من كد الطاعة واكتساب الفضائل والاستعانة بقضائها على ذلك ، فمتى زادت على ذلك صارت نهمة والتحق صاحبها بدرجة الحيوانات ، ومتى نقصت عنه ولم يكن فراغا في طلب الكمال والفضل كانت ضعفا وعجزا ومهانة .
- وللراحة حد وهو إجمام النفس والقوى المدركة الفعالة للاستعداد للطاعة واكتساب الفضائل وتوفرها على ذلك بحيث لا يضعفها الكد والتعب ويضعف أثرها ، فمتى زاد على ذلك صار توانيا وكسلا وإضاعة وفات به أكثر مصالح العبد ، ومتى نقص عنه صار مضرا بالقوى موهنا لها وربما انقطع به.
- والجود له حد بين طرفين ، فمتى جاوز حده صار إسرافا وتبذيرا ، ومتى نقص عنه كان بخلا وتقتيرا .- والغيرة لها حد لذا جاوزته صارت تهمه وظنا سيئا بالبرئ ، وإذا قصرت عنه كانت تغافلا ومبادئ دياثه .
- وللتواضع حد إذا جاوزه كان ذلا ومهانة ، ومن قصر عنه انحرف إلى الكبر والفخر .- وللعز حد إذا جاوزه كان كبرا وخلقا مذموما ، وإن قصر عنه انحرف إلى الذل والمهانة وضابط هذا كلهالعدل ، وهو الأخذ بالوسط الموضوع بين طرفي الإفراط والتفريط ... فخير الأمور الوسـط .الفوائـدابن قيم الجوزية
0 التعليقات:
إرسال تعليق