المصري المثقف: رحلة مدير تربوي لمدارس اليابان‏

رحلة مدير تربوي لمدارس اليابان‏

لمعرفة أمكان الخلل والتقصير في مدارسنا هل هو بسبب المناهج كما زعموا أم بسبب المعلمين أم أنه من الطلاب أو أنه مزيج من هذه الأسباب، قام أحد المديريين التربوين بزيارة مدرسة القرية بتوتون باليابان، وهي عبارة عن مبنى للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة، وعند دخولنا للمبنى تم التوجه إلى الصالة الرياضية المغلقة، حيث تقام مراسم الاحتفال به

منظر خارجي للمدرسة

جانب من فناء المدرسة

· دخلنا الصالة المغلقة، وإذ بطلاب المرحلة الابتدائية يصفقون ابتهاجاً بقدومنا، ثم بدأ الحفل بكلمة من أحد طلاب هذه المدرسة، ثم بدأ الجميع بترديد هتافات بصوت جماعي ــ يبدو أنه النشيد الوطني ــ حيث لم أفهم منه شيئاً على الإطلاق !!

استقبال طلاب المرحلة الابتدائية لنا

· قبل أن أسرد تفاصيل الزيارة أقف قليلاً مع بعض ملامح وخصائص نظام التعليم الياباني :

من ملامح نظام التعليم الياباني:

· روح الجماعة والعمل الجماعي والنظام والمسؤولية:

يركز النظام الياباني للتعليم على تنمية الشعور بالجماعة والمسؤولية لدى الطلاب تجاه المجتمع بادئًا بالبيئة المدرسية المحيطة بهم، مثل المحافظة على المباني الدراسية، والأدوات التعليمية، والأثاث المدرسي، وغير ذلك.

وأول ما يُدهش زائر المدارس اليابانية، وجود أحذية رياضية خفيفة عند مدخل المبنى المدرسي، مرتبة في خزانة أو أرفف خشبية، يحمل كل حذاء اسم صاحبه، حيث يجب أن يخلع التلاميذ أحذيتهم العادية، وارتداء هذه الأحذية الخفيفة النظيفة داخل مبنى المدرسة.

يعود الطلاب على وضع أحذيتهم وارتداء أحذية المدرسة الخاصة

ومن الشائع في المدارس اليابانية أن يقوم التلميذ عند نهاية اليوم الدراسي بكنس وتنظيف القاعات الدراسية، بل وكنس ومسح الممرات بقطع قماش مبللة، بل والأكثر من ذلك غسل دورات المياه وجمع أوراق الشجر المتساقط في فناء المدرسة، وكذلك القمامة إذا وجدت، حيث لا يعرف في نظام مدارس اليابان وجود ما يسمى «عامل» بل لا توجد شخصية «الحارس» أو «الفراش»، ولذا يأخذ الطلاب والمعلمون على عاتقهم تنظيف المدرسة، وتجميل مظهرها الداخلي والخارجي.

يلاحظ في كل طاولة قطعة قماش ، حيث يقوم الطلاب أنفسهم بتنظيف مدرستهم

· المقصف المدرسي

لا يوجد مقاصف في المدارس اليابانية، ولكن يوجد مطبخ به أستاذة تغذية وعدد من الطاهيات، حيث يتناول الطلاب وجبات مطهية طازجة تُطهى يوميًا بالمدرسة، ويقوم الطلاب بتقسيم أنفسهم إلى مجموعات إحداها تقوم بتهيئة القاعة الدراسية لتناول الطعام، وثانية مثلاً تقوم بإحضار الطعام من المطبخ، وثالثة تقوم بتوزيع هذا الطعام على التلاميذ بعد ارتداء قبعات وأقنعة وملابس خاصة لذلك.

وهذا بلا شك يؤكد الإحساس بالمسؤولية وروح الجماعة والاعتماد على النفس والانتماء إلى المدرسة والمجتمع، كما يوفر من ناحية أخرى ميزانية كان يُفترض أن تُرصد لهذه الخدمات.

· مشاهدي داخل مدرسة القرية ..

· مبنى المدرسة في غاية النظافة والترتيب والتنظيم .

.

منظر داخلي للمدرسة

· عدد الطلاب في كل فصل يتراوح مابين (10- 15) طالب .

غرفة المدرسين تحتوي على مكائن تصوير عادي وملون

· المدرسة مغطاة بشبكة الانترنت اللاسلكية .

· كما يوجد في المدرسة غرفة مهيأة للإسعافات الأولية .

· أرجو منك أخي القارئ أن تقارن وضع هذه المدرسة، بتنظيمها ومرفقاتها في قرية لا يتجاوز عدد سكانها (1600) نسمة، بمدرسة من مدارسنا لا أقول في أحد القرى أو الهجر، لا بل قارنها ببعض مدارسنا في بعض المحافظات!! فهناك بون شاسع، بل لا مجال للمقارنة، ويكفي أن تعلم أن بعض مدارسنا ــ كما رأيت بعيني ــ تفتقد لوسائل السلامة والأمان، فضلاً عن نقص في عدد المقاعد، إضافة إلى إهمال في الصيانة والنظافة، بل أعزكم الله وأكرمكم دورات المياه لا تستطيع الاقتراب منها، فضلاً عن دخولها ...

· بعد هذه الجولة تم تقسيمنا إلى ثلاث مجموعات:

× المجموعة الأولى : للتعارف الثقافي، وكان مقرهم مكتبة المدرسة حيث يقوم كل طالب من ( برنامج مدير المستقبل ) بكتابة اسمه باللغة الانجليزية ويقوم نظيره الياباني بكتابتها باللغة اليابانية، ومن ثم العكس .

مكتبة المدرسة

× المجموعة الثانية : وكانت مخصصة للأنشطة الرياضية، حيث أقيمت مباريات في كرة الطائرة والتنس .

× ثم بدأ تدوير المجموعات .

· بعدها تم الاستمتاع بمشاهدة رياضة غريبة عجيبة، وهي (الكيندو) والتي تجسد مقاتلي ( الساموراي) القدامى، وتعتبر رياضة يابانية (بحته)، وهي أشبه بالمبارزة ولكن بالعصي، ولها لباسٌ خاص، وواقٍ من الضربات، وهي على ثلاثةِ أشواط، كلُ شوطٍ عبارةٌ عن ثلاثةِ دقائق، والفوز يكون بأكثر عدد ضربات على رأس الخصم .

· ثم شاهدنا الرمي بالسهام، وهي مادة رياضية مقررة، وكان الرمي في ميدان خاص، عبر مسافة تقدر بحوالي ( 25-30 ) متر تقريباً .

تتميز طاولات المراحل الابتدائية، برسمٍ مميز على كل طاولة، يتبين فيها ( الطريقة السليمة للجلوس، والطريقة المثلى لإمساك القلم ، وكذلك الحروف اليابانية،.. ).

.

نموذج من طاولات المدرسة الابتدائية ويتبين فيها طريقة الجلوس والكتابة المثلى

أبى هذا الطالب إلا أن يشرح لنا الطريقة المثلى للجلوس والكتابة

.

أبى هذا الطالب إلا أن يشرح لنا الطريقة المثلى للجلوس والكتابة

.

· مناهج مبسطة تعتمد على الأشكال والرسوم للمراحل الابتدائية .

.

صور لبعض مناهج المرحلة الابتدائية

.

· دخلت أحد الفصول وإذا بطالب لا يتجاوز الحادية عشر من عمره، وعندما رآني رحب بنا بانحناءة كادت أن تقصم ظهره ــ علماً على حرمة هذا الفعل (الانحناء) في الإسلام ـ ثم أشار إلى عملٍ من ابتكاره وصناعته، حيث قام بصناعةِ بوابةٍ الكترونية، تفتح مباشرةً عند قدوم المصرح لهم بالدخول ــ سواءً كانت سيارة، أو أفراداً ــ ، وقد كان يتكلم بحماس، بلغته التي لا أفقه فيها شيئاً، وكان تعاملي معه بلغة الإشارة .

.

· أما غرفة المعلمين، فتميزت أن لكل معلم جهاز حاسب آلي محمول خاص به، وكذلك وجود آلة تصوير كبيرة الحجم وملونة كما في الصورة .

غرفة المدرسين

جانب من غرفة المدرسين

كل فصل مجهز بجهاز حاسب آلي .

.

أجهزة حاسب آلي مطورة في كل فصل

· لكل فصل وسائل إيضاح خاصةٌ به.

.

نموذج من فصول مدارس القرى !! فكيف بالمدن إذن؟

.

وسائل الإيضاح في كل فصل

.

لوحة تعليمة للحروف اليابانية

· يوجد بجانب مدخل باب الفصل، أدراج تخزين يضع فيها الطالب أغراضه الشخصية الخاصة ( فرشاة أسنان، معجون، كتبه الدراسية، أغراضه المدرسية) ويبدو أن الهدف من ذلك تعويد الطالب على النظام، ولتبقى طاولته خالية قدر الإمكان مما يشغله.