نقول من تاني
يبدو أننا أصبحنا نعيش في مجتمع يمتلك ذاكرة
من الأسماك لا يتذكر ماذا حدث وإن تذكره لا يتذكر لماذا حدث، وذلك لأنه أصبحت
ثقافة شبابانا سماعية تعتمد علي القيل والقال أو علي بعض المعلومات الخاطئة
المتداولة علي الفيس بوك وتويتر (وسيلة تضيع الوقت الأولي في العالم وأحياناً تضيع
الشباب).
فهناك أصوات غير قليلة تترحم علي أيام
الملكية وجمال القصور والملوك ونسائهم اللائي يرتدون من أحدث خطوط الموضة وأطفالهم
الذين يشبهون أطفال الجنة وحالة الرغد التي تعيشها هذه الأسر داخل مزارعها الغناء،وشوارع
مصر التي كانت تنظف يومياً وتغسل بماء الورد وتفوح بالزهور ورائحتها التي تكاد
تشتمرائحتها من خلال الصور، وتناسوا عن قصد أو عن جهل بباقي المجتمع المصري الذي
كان يعيش في جهل وأمية، وبين نار الإقطاع ونار اليأس في إيجاد عيشه كريمة داخل بلد
والرزق القليل، فلم تكن مصر ملكاً للمصريين بل كانت ملكاُ للملك وأسرته وحاشيته
والقليل من البشوات وعمالتهم التي تعمل في قصورهم من الإيطالين واليونانين
والعمالة المستوردة، والمحظوظ من المصريين هو الذي كان يعمل في بلاط الملك والطبقة
البرجوازية المستفيدة من فتات ما يسقط من فم الملك وأسرته، فالبتأكيد حجم الدخل
القومي لدولة بمساحة مصر الزراعية ويوزع علي مئة شخص فهذا سيجعلهم من أغني أغنياء
العالم وسيجعلهم أشد حرصاعلي جودة أملاكهم في مصر، فأصبح القطن المصري من أجود
أنواع القطن في العالم والشوارع النظيفة والقصور الفخمة والحفلات الماجنة، وأذكر
حديث للممثل المصري حسين فهمي يتحدث عن والده فهمي باشا الذي كان يمتلك معظم أراضي
حلوان أنه قد أتي بقطار حتي يتسني له المرور علي أراضيه يوميا وترك للمستمع تخيل
حجم أراضي والده التي أممتها ثورة يولية.
وثورة يولية 1952 أنهت نظام الإقطاع وهو حيث
يستحوذ ملاك الأراضي الكبري علي أراضي المصريين المتواجدة داخل قطاع أراضيهم إذا
لم يدفعوا رسوم ضخمة لوصول المياه لأراضيهم وبالطبع يتنازل المصريين عن أراضيهم
لكبار ملاك الأراضي مقابل السكن والعمل كمزارعين مقابل أجر لايذكر فيصبح خير أراضيهم لصالح الملاك الكبار، فكان 3% من أدعياء المصرية يمتلكون أكثر
من 95% من الأرض الزراعية المصرية في حين كان الفلاح المصري الأصيل يباع ويشترى
ضمن ممتلكات العزبة والإقطاعية، وقد كانت أولي
هدايا الثورة للفلاح المصري أنها قد أهدته خمسة فدادين حتي يصبح خير هذه الأراضي
لمالكها، كما كان
الجيش المصري ألعوبه في أيدي قادته الأجانب من الإنجليز والشركس والأرمن والألبان
والأتراك وهلم جر، فأعادته الثورة إلى حظيرة الوطن وتقلد فيه أبناء مصر الحقيقيين
موقعهم الريادي ليعود مثله مثل غيره من بلدان العالم (جيش وطني) وليس (جيش ملكي)
تابع للسيد ومولانا الملك فاروق الغارق في موائد القمار الخضراء وفي سهراته
الحمراء وسط الراقصات والمومسات، فيتحمل هذا النظام هزيمة 1948 في أرض فلسطنين
والذي خاض المعركة بدون خطة تذكر معتمدا علي العزيمة والجيش العربي وكم الحماسة
التي كانت ضد عصابات اليهود التي أغتصبت أرض فلسطين، وقد أصيب في هذه المعركة البكباشىجمالعبدالناصرالذي أصبح رئيس مصر بعد الثورة،
وقد اتبعت الثورة نظام جذري جادي للقضاء علي الجهل والأمية حيث حول خلال عام واحد
من قيام الثورة 200 قصر ملكي إلي 200 مدرسة، فالأجيال الحالية التي تحمل في يدها
شهادات عليا حازت عليها داخل مصر أو عن طريق ابتعاث الدولة لهم لتحصيل العلم في
الخارج بعد انتصار الثورة كل هؤلاء هم أبناء الفلاحين وعمال التراحيل وعبيد
الإقطاع الذين تحرروا على يد عبد الناصر وفتح لأبنائهم أبواب التعليم المجاني حتى
الجامعي وما فوق الجامعي الذي كان حكراً فيما مضى علي أبناء الأمراء والباشوات
والذوات، وحيث كان المجتمع المصري مقسم ومكرس إلى طبقات لا يسمح فيها للفلاح
والعامل أن يرتقي إلى ما فوق طبقته مهما حباه الله من ذكاء ورغبة في التفوق، فالثورة تعتبر فخر ولها الفضل علي كل مصري يتفاخر
الأن بما وصل إليه من مستوي مادي أو علمي ولولا الثورة كان سيظل هو وأسرته عبداًللملك
وحاشيته.
فمهما حدث من أخطاء من أشخاص منتمين للثورة أو
قرارات ثورية تمت تحت ظروف هذه الفترة أُكتشف بمرور الزمن أنها كانت قرارات خاطئة
فهذا لا ينكر فضل الثورة وفساد الفترة الملكية التي مازال يعتقد بعض الجهلاء أنها
أفضل الفترات التي مرت بها مصر، فهم يحتاجون دائماُ أن نقول لهم تاني وثالث ورابع
وخامس ونكرر مراراً وتكراراً يمكن يعرفوا تاريخهم.
by Mohamed ع Abdel Hamed (Notes) on Friday 24 October 2014 at 14:00