العدل الضعيف..
في مدينة فرانكفورت تمثال للعدالة. والتمثال أمام بيت العمدة.
والعمدة هنا سيدة قوية. والتمثال ليس معصوب العينين تماماَ
كالتمثال المرسوم علي مجمع المحاكم أمام صحيفة الأهرام، فالفنان
عندنا وعندهم يري بحق أن العدالة ليست معصوبة العينين - فهي
تفرق بين قوي وضعيف، أبيض وأسود، حاكم ومحكوم إنها تري
وتحكم بما تري، ولذلك ففي سجون الدنيا قضاه مرتشون، لأن
القاضي لم يعد معصوب العينين. وتمثال العدالة في فرانكفورت أمام
دار العمدية يري أو ينتظرما تأمر به الحكومة.. السلطة.. ليستلهم
الظلم.. فهو تمثال للعدل الضعيف.
وكانت كتب القانون في العالم تحكي القصة الشهيرة، وهي أن
أحد الأباطرة الألمان أراد أن يوسع حديقة قصره، فأمر بهدم بيت
لرجل فقير عند حدود القصر. ولكن الفقير احتكم إلي القضاء. فوقفت
كل مواد القانون علي حيلها. وحكمت للرجل الفقير ضد الإمبراطور..
فأبقي الإمبراطور علي بيت هذا الفقير رمزاَ للعدالة ودلالة علي أن في
ألمانيا قضاة!
وقد حدث شئ من مثل ذلك في مارينا بالساحل الشمالي. فحكم
القضاء ضد وزارة التعمير. وطالبت بأن يبقي المسكن علي ما هو
عليه دليلاَ علي أن في مصر قضاة. ولم يأخذ أحد برأيي رفضاَ
لفكرتى وإحقاقاَ للواقع وإهانة للقانون؟!
وفي مدينة فرانكفورت قطعة أرض كانت سلخانة.أما الذي فعله
مهندسو العمارة في الأرض والشاطئ فقد أقاموا الفنادق والبيوت
والمطاعم والحدائق.. يمكن أن تقول إنها عبقرية الإنشاء والتعمير
والذوق الجميل.. يكفي أن تنظر إلي الشوارع وكيف وضعوها حجراَ
لامعاَ إلي جوار حجر أكثر لمعاناَ. وكأنهم أقاموا شيئاَ عادياَ فلا
دعاية ولا طبل ولا زمر. ولاأحد يقول: من أجل ألمانيا رصفنا
الشارع وأقمنا الحدائق - كما نفعل نحن مثلاَ. وإنما أقاموها
وتركوها واتجهوا إلي ماهو أكثر جمالاَ - منتهي التواضع!
أنيس منصور
من كتاب تعالوا نفكر ص 263
في مدينة فرانكفورت تمثال للعدالة. والتمثال أمام بيت العمدة.
والعمدة هنا سيدة قوية. والتمثال ليس معصوب العينين تماماَ
كالتمثال المرسوم علي مجمع المحاكم أمام صحيفة الأهرام، فالفنان
عندنا وعندهم يري بحق أن العدالة ليست معصوبة العينين - فهي
تفرق بين قوي وضعيف، أبيض وأسود، حاكم ومحكوم إنها تري
وتحكم بما تري، ولذلك ففي سجون الدنيا قضاه مرتشون، لأن
القاضي لم يعد معصوب العينين. وتمثال العدالة في فرانكفورت أمام
دار العمدية يري أو ينتظرما تأمر به الحكومة.. السلطة.. ليستلهم
الظلم.. فهو تمثال للعدل الضعيف.
وكانت كتب القانون في العالم تحكي القصة الشهيرة، وهي أن
أحد الأباطرة الألمان أراد أن يوسع حديقة قصره، فأمر بهدم بيت
لرجل فقير عند حدود القصر. ولكن الفقير احتكم إلي القضاء. فوقفت
كل مواد القانون علي حيلها. وحكمت للرجل الفقير ضد الإمبراطور..
فأبقي الإمبراطور علي بيت هذا الفقير رمزاَ للعدالة ودلالة علي أن في
ألمانيا قضاة!
وقد حدث شئ من مثل ذلك في مارينا بالساحل الشمالي. فحكم
القضاء ضد وزارة التعمير. وطالبت بأن يبقي المسكن علي ما هو
عليه دليلاَ علي أن في مصر قضاة. ولم يأخذ أحد برأيي رفضاَ
لفكرتى وإحقاقاَ للواقع وإهانة للقانون؟!
وفي مدينة فرانكفورت قطعة أرض كانت سلخانة.أما الذي فعله
مهندسو العمارة في الأرض والشاطئ فقد أقاموا الفنادق والبيوت
والمطاعم والحدائق.. يمكن أن تقول إنها عبقرية الإنشاء والتعمير
والذوق الجميل.. يكفي أن تنظر إلي الشوارع وكيف وضعوها حجراَ
لامعاَ إلي جوار حجر أكثر لمعاناَ. وكأنهم أقاموا شيئاَ عادياَ فلا
دعاية ولا طبل ولا زمر. ولاأحد يقول: من أجل ألمانيا رصفنا
الشارع وأقمنا الحدائق - كما نفعل نحن مثلاَ. وإنما أقاموها
وتركوها واتجهوا إلي ماهو أكثر جمالاَ - منتهي التواضع!
أنيس منصور
من كتاب تعالوا نفكر ص 263
0 التعليقات:
إرسال تعليق