عظمــة بوجوفتـش
اثنان من العلماء الأوربيين استطاعا الكتابة عن الإسلام
والدفاع عنه، ما لم يستطعه أحد في عصرنا الحديث هما: السفير
الألمانى مراد هوفمان والرئيس البوسنى علي عزت بوجوفتش
يرحمه الله. فقد دخل المستشفي وخرج منه كثيراَ في هذا العام حتى
استقر الألم في قلبه فأتى عليه ومات بعد صراع طويل مع نوعين من
العذاب القلب والحرب.. ونجح في مقاومة وحشية الشعب الصربي.
ودخل السجن وخرج وخطفوه.. ولكن الزعيم بوجفتش لم يهدأ حتى
استقلت بلاده وحتى اختارته رئيساَ لها.. ثم انسحب من السياسة
والحرب واكتفي بالرياسة الفخرية لحزب العمل الديموقراطى..
ولما رأيت الرئيس بوجوفتش في القاهرة تقدمت وصافحته
وهنأته علي ظهور الترجمة العربية لكتابه البديع عن الإسلام. وكان
الرجل مهموماَ بما هو أكثر من صدور كتاب.. مع أن كتابه هذا ليس
كالكتب. فعلاَ ليس كالتب. فالعالم الإسلامى بوجوفتش عندما
تحدث عن الإسلام بين الأديان، وعن فلسفته بين الفلسفات الحديثة
كان هذا هو الاختلاف.. فهو كأوروبي توجه إلي العقلية الأوروبية
بالغة الفكرية التى يفهمونه..
لم يخطب. لم يشتم. لم يفتح أبواب جهنم لمن يخالفه الرأى
والرؤية. وإما ظل في كتبه يقارن بين الفلسفات الأوروبية الحديثة
وما اهتدي إليه الإسلام قبل أربعة عشر قرناَ. ولابد أن القارئ العربي
يندهش لأسماء الفلاسفة الأوروبيين الذين جاءوا علي قلمة: هيجل
وماركس وديكارت. ولابد أن يندهش كيف جاء بهم وهو يتحدث عن
النهج الإسلامى في الشرح والإقناع..
ربما كان ذلك غريباَََََ علينا.. لكن ليس علي الأوروبي الذي يفكر
في الشيوعية والمثالية والوجدية والطاهرانية.. والديالكتك. كل ذلك
مألوف لديه.. أما براعة بوجوفتش ففي قدرته علي النفاذ إلي عقل
الأوربي غير المسلم وإقناعة بالحديث معه وليس بالتعالي عليه
أو باستخدام تراكيب لغوية أو بلاغية ليست في أسلوبه الأوروبي.
ورغم أنه كان يكتب في فترات متفاوتة بين دخول السجن
والخروج منه أو البقاء الطويل فيه، فإن شيئاَ من هذا لم يظهر علي
عقله أو قلمه - يرحمه الله - كان أستاذاَ جليلاَ كما كان رئيساَ عظيماَ!
أنيس منصور
من كتاب تعالوا نفكر ص 291
اثنان من العلماء الأوربيين استطاعا الكتابة عن الإسلام
والدفاع عنه، ما لم يستطعه أحد في عصرنا الحديث هما: السفير
الألمانى مراد هوفمان والرئيس البوسنى علي عزت بوجوفتش
يرحمه الله. فقد دخل المستشفي وخرج منه كثيراَ في هذا العام حتى
استقر الألم في قلبه فأتى عليه ومات بعد صراع طويل مع نوعين من
العذاب القلب والحرب.. ونجح في مقاومة وحشية الشعب الصربي.
ودخل السجن وخرج وخطفوه.. ولكن الزعيم بوجفتش لم يهدأ حتى
استقلت بلاده وحتى اختارته رئيساَ لها.. ثم انسحب من السياسة
والحرب واكتفي بالرياسة الفخرية لحزب العمل الديموقراطى..
ولما رأيت الرئيس بوجوفتش في القاهرة تقدمت وصافحته
وهنأته علي ظهور الترجمة العربية لكتابه البديع عن الإسلام. وكان
الرجل مهموماَ بما هو أكثر من صدور كتاب.. مع أن كتابه هذا ليس
كالكتب. فعلاَ ليس كالتب. فالعالم الإسلامى بوجوفتش عندما
تحدث عن الإسلام بين الأديان، وعن فلسفته بين الفلسفات الحديثة
كان هذا هو الاختلاف.. فهو كأوروبي توجه إلي العقلية الأوروبية
بالغة الفكرية التى يفهمونه..
لم يخطب. لم يشتم. لم يفتح أبواب جهنم لمن يخالفه الرأى
والرؤية. وإما ظل في كتبه يقارن بين الفلسفات الأوروبية الحديثة
وما اهتدي إليه الإسلام قبل أربعة عشر قرناَ. ولابد أن القارئ العربي
يندهش لأسماء الفلاسفة الأوروبيين الذين جاءوا علي قلمة: هيجل
وماركس وديكارت. ولابد أن يندهش كيف جاء بهم وهو يتحدث عن
النهج الإسلامى في الشرح والإقناع..
ربما كان ذلك غريباَََََ علينا.. لكن ليس علي الأوروبي الذي يفكر
في الشيوعية والمثالية والوجدية والطاهرانية.. والديالكتك. كل ذلك
مألوف لديه.. أما براعة بوجوفتش ففي قدرته علي النفاذ إلي عقل
الأوربي غير المسلم وإقناعة بالحديث معه وليس بالتعالي عليه
أو باستخدام تراكيب لغوية أو بلاغية ليست في أسلوبه الأوروبي.
ورغم أنه كان يكتب في فترات متفاوتة بين دخول السجن
والخروج منه أو البقاء الطويل فيه، فإن شيئاَ من هذا لم يظهر علي
عقله أو قلمه - يرحمه الله - كان أستاذاَ جليلاَ كما كان رئيساَ عظيماَ!
أنيس منصور
من كتاب تعالوا نفكر ص 291
0 التعليقات:
إرسال تعليق