كيف تغير العالم - د/إبراهيم الفقي
د/إبراهيم الفقي |
لما كنت شابا حرا طليقا لم تكن لمخيلتي حدود ... كنت أحلم في تغيير العالم ... وكلما ازددت سنا وحكمة كنت أكتشف أن العالم لا يتغير ... ولذا قللت من طموحي إلى حد ما وقررت تغيير بلدي لا أكثر .
إلا أن بلدي هي الأخرى بدت وكأنها باقية على ماهي عليه
.. وحينما دخلت مرحلة الشيخوخة حاولت __ في محاولة يائسة أخيرة __ تغيير عائلتي ... ومن كانوا أقرب الناس لي ... ولكن باءت محاولتي بالفشل .
واليوم ... وأنا على فراش الموت أدركت فجأة كل ماهو في الأمر ... ليتني كنت غيرت ذاتي في بادئ الأمر ... ثم بعد ذلك حاولت تغيير عائلتي ثم بإلهام وتشجيع منها .. ربما كنت قد أقدمت على تطوير بلدي ومن
يدري ربما كنت استطعت أخيرا تغيير العالم برمته ؟
هل سبق لك بعد مجادلة حادة مع شخص أن تساءلت : لماذا لا يستطيع رؤية الأشياء من وجهة نظري؟
أو إنه لا يأبه لتغيير حالته؟.. كذلك هو الحال بالنسبة لأي شخص آخر.. فمن المؤكد أن تلك التساؤلات وغيرها المشابه لها قد تطارحت فجأة .. ووردت على البال مرات عديدة.
بالنسبة لمعظمنا فالتحديات التي تواجهنا في الحياة مصدرها رغبتنا في تغيير الآخرين .. فنحن نريد أن يكون الآخرون مثلنا يتفقون معنا في الرأي ويسلكون ويقضون حياتهم وفقا لرغبتنا
وتحقيقا لآمالنا ويدخلون داخل إطار التصور الفكري الأمثل الذي شكلناه لهم في أذهاننا .. وحينما لا يشاركوننا وجهات النظر وتوقعاتنا نصاب حتما بمشاعر سلبية.
ولكن إذا نظرت جيدا حولك فسوف تجد أن التحدي الحقيقي في الحياة هو تغير نفسك وتصبح الشخص الذي تريد أن تكونه .. وتستغل طاقاتك الكامنة وتعيش حياة أسعد .. حياة خالية من
التعجيزات والقيود والمشاعر السلبية ... كما قال (توماس كيمبليس) " لا تغضب .. لأنك لا تستطيع جعل الآخرين مثلما تود أن يكونوا .. طالما عجزت أنت عن تحقيق ما تريد أن تكون "
وبعبارة أخرى تفضل أغلبية الناس أن يغيروا الآخرين بدلا من أن يغيروا أنفسهم
والنتظار حتى يتغير الآخرون هو الحل الأسهل.. ومع الأسف فإن نتائج هذا الحل هي عقبات منيعة مثل الطلاق والبطالة طويلة الأمد والتعاسة .. وماهو ألعن من ذلك كله.
عندما تركز انتباهك على إلقاء اللوم على غيرك فإنك تبدد طاقتك وقدرتك وتضيع الوقت.
بدلا من ذلك حاول أن تركز طاقتك على تحسين نمط حياتك .. وابدأ باستمداد الطاقة اللازمة من مخزون القدرات الإيجابية الخفية المكدسة سابقا .. واستغل طاقتك الكامنة لتصبح
الإنسان الذي أردت أن تكونه .. وهكذا ابدأ رحلتك نحو حياة أكثر توفيقا ونجاحا .. وكون لنفسك فيها عددا أكبر من الأصدقاء .. وحقق تفاهما أوسع لوجهات نظر الآخرين .. واحتراما
صادقا لقيم ومعتقدات الناس.
في النهاية ... سوف يؤدي التحكم أو التوازن في حكمك على الغير .. وإدراكك الصحيح للأمور إلى أن تصبح رجل الاتصال الكامل وأيضا أستاذا بارعا في هذا المجال.
من كتاب البرمجة اللغوية العصبية وفن الاتصال اللا محدود
د. إبراهيم الفقي
رحـــــــــــمه الله
0 التعليقات:
إرسال تعليق